لماذا لا يقتل الفساد الأممي بشار الأسد؟

لماذا لا يقتل الفساد الأممي بشار الأسد؟
حدثني صديقي الصحفي العتيق الذي مر في مشواره المهني بعديد التجارب ومنها تجربة العمل في قناة ليبية شارك في تأسيسها مباشرة بعد اندلاع ثورة 17 فبراير، حدثني عن كواليس لقاء كان أعده مع كولونيل أميركي، بعد القرار الأممي رقم 1973، الذي كان يقضي بفرض منطقة حظر طيران فوق ليبيا، هذا القرار تطور لاحقا ليصبح تدخلا عسكريا ساعد في إسقاط نظام القذافي.

قال صديقي بأنه قبيل اللقاء، وفي دردشة مع الكولونيل الأمريكي عن الأهداف التي ستقصف، وعن كيفية تحديدها، وإلى ماذا يرمي القصف، وهل هي فعلاً للحد من خطر قوات القذافي فقط كما هو معلن؟ كان الرد لبقاً من الضيف، بأن الولايات المتحدة ومن معها سيلتزمون القرار بالقصف المجدي والمدروس فقط ضمن بنك أهداف محدد، وبأن هذه القوات لن تقتل القذافي، ولن تستهدفه، أو عائلته بغية تصفيته، وهذا ليس دورها... فما كان من صديقي إلا أن سأله، وهل تنسقون ضرباتكم مع آل القذافي؟ فأجاب ضاحكاً: لا، سأل صديقي، إذاً كيف ستعرفون أماكن تواجد العقيد معمر، فأنتم قد تقصفون "هدفا عسكريا" قد يوجد فيه القذافي أو أحد أولاده .. مثلا لو توجه العقيد معمر لمبنى هيئة الأركان بصفته قائدا للقوات وقصفتم المبنى فقتل فيه بالخطأ؟! فأجابه الكولونيل" So"

So"".. هذا الكلمة التي ترافقها عادة حركة الأكتاف إلى الأعلى مع حركة شفاه تدل هنا على الاستهزاء وعدم الاكتراث، تختصر كثيرا من التعابير وحتى القرارات، بل واختصرت كل ما جرى...وقُتل القذافي.

شهران في ليبيا فصلت انطلاقة الثورة عن القرار الأممي الذي أصبح ناجزا في التاسع عشر من أذار/ مارس إذ بدأت كل من الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، هجوماً على أهداف ليبية بأكثر من 100 صاروخ تطبيقاً لقرار الأمم المتحدة، لكن خمس سنوات من ثورة الشعب السوري لم يستطع العالم أن يتفق على مساعدته لا بالقرارات ولا بالصواريخ ولا حتى بالدواء أو الغذاء.

هل العالم عاجز عن التحرك لصالح الشعب السوري، هل العالم منقسم حيال ثورته؟ بكل ثقة لا.... العالم لا يريد أن ينهي مأساة السوريين ولا يريد أن يقتل بشار الأسد (عسكريا أو سياسيا) كما قتل القذافي -هذه ليست دعوة للقتل- بل تشريح للواقع بأن هذا العالم ومصالحه كلها تسير باتجاه التعامل مع نتائج ما يفعله بشار الأسد في سوريا، وإيجاد حلول لما تخلفه أفعاله ومن معه من حلفاء، وإلا فنحن أما فرصة ذهبية "للتخلص من الأسد" لو اكتفى أي كولونيل أميركي بــSo"" فهي تكفي مع سماء تحلق فيها أسلحة جو محترفة وهاوية تابعة لعشرات الدول لكنها لا تخطأ لأن هذه الدول واختراعها المسمى "مجلس الأمن" لا تريد أن تفعل لا بالحرب ولا بالسياسية.

مناسبة هذا الحديث هو ما يعانيه الشعب السوري من إهمال أممي لقضيته ومصيره متعمد، ومن فساد المنظمة المسماة الأمم المتحدة ومجلسها للأمن على حساب دم السوريين.

صحيفة الغارديان كشفت عن صفقات بملايين الدولارات وما خفي كان أعظم، أبرمتها بعثة المساعدات الأممية مع نظام وشبيحة الأسد ورجاله في إطار برنامج "مساعدات إنسانية" وبرامج لـ"دعم الزراعة" ودفعت لمؤسسة النفط التابعة للنظام ولبنك الدم التابع لوزارة دفاع الأسد الواقعة، وكلها تحت العقوبات، حتى أن المنظمة دفعت أموالا لشركات تخضع لعقوباتها هي في مفارقة لم تحصل قط، وصل الأمر لتمويل جمعيات "خيرية" تابعة لأسماء الأسد، ولرامي مخلوف في دعم مفضوح وفاقع لنظام الأسد وقواته، فضلا عن اعتماده كطرف رسمي لإدخال المساعدات رغم قرارات مجلس الأمن بعدم الحاجة لموافقته، مبعوثو هذه المنظمة لا يستحون من الخروج أمام الكاميرات للقول بأننا ننتظر موافقات من النظام لإدخال حليب للأطفال أو دواء للمرضى ثم لاضير في اعترافهم بأن الأسد لم يمنحهم الموافقة وهنا ينتهي الأمر ويموت الناس أو يأكلون التراب وفي النهاية تتولى سيارات المنظمة مهمة نقلهم في عمليات التهجير القسري.

مقرف الحال الذي وصلت إليه الأمم المتحدة ومعها الدول العظمى التي تتسلى في الملف السوري الذي يقطر دما، مقرف ترك السوريين للقتل على يد عدو روسي أحال بلادهم وأجسادهم إلى حقول تجارب لأسلحته، هذه المنظمة لم تستطع لسنوات خمس أن تحدد الجاني! 

في حوادث قصف الكيماوي أو قصف المشافي التابعة لهيئة إغاثية "دولية" ولم تستطع إدخال علبة دواء إلى داريا لكنها كانت حاضرة في مراسم تهجير أهلها في سابقة لم تشهدها الأمم، لم تستطع أن تدخل الخبز إلى حلب يوم حاصرها الروسي والإيراني والأفغاني والباكستاني واللبناني، لكن عندما تمكن الثوار من فتح طريق بدمهم لفك الحصار صار للأمم المتحدة طريق أخر تريد أن تستعمله وهو تحت سيطرة روسيا، بضائع ومساعدات الأمم المتحدة تمر من خلال نظام الأسد ويستفيد بها جنوده وشبيحته وتباع في الشوارع ولا يحظى المحاصَر سوى بالتصريحات التي تصله غالبا بسبب غياب الكهرباء عنه.

قلت لصديقي يومها إن سوريا وشعبها الثائر كان ورقة "جوكر" في لعبة قمار دولية كبرى لم تنته، وهذه الورقة إلى الآن لم يربحها أحد ولم يخسرها أحد لكن الجميع (العرب، إيران، تركيا، أوربا، الولايات المتحدة، روسيا، إسرائيل حتى أفغانستان) استخدمها وحقق منها ما يريد أو بعض ما يريد لكن اللعبة لم تنته بعد.

التعليقات (1)

    الهمشري

    ·منذ 7 سنوات 8 أشهر
    لعن الله سفاح الشام ابن انيسة ال*** وأهلك احفاد القردة والخنازير الشيعة والفرس والعلوين الانجاس وال*** ابو سرداب ونرجس ال****
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات