الوجود شرط التطوّر .. لكن هل من سبيل للوجود ؟

الوجود شرط التطوّر .. لكن هل من سبيل للوجود ؟
قال أحد وجوه التشبيح مدّعيا التفقّه في الوطنية :

"الوجود شرط التّطوّر" ( عصمت سيف الدّولة ).

بدون الحرص، أوّلا، على تأمين وجود الأوطان يصبح كلّ حديث عن الحرّيات والرّخاء والعدالة الاُجتماعيّة ضربا من الوهم والعبث واللّغـو والحـمق والتّضليل. العراق ، ليبيا، سوريا، اليمن، ... نماذج".

صديقي الشّبيح أراك قد تماديت في ليّ عنق كلمات المرحوم سيف الدولة. قد يعتبرك البعض أنك قد أسأت إليه، ولكنني لست كذلك، بل أراك قد أسرفت في إذاء نفسك لا غير. صدق سيف الدولة فيما قال وخاب تأويلك له. ستقول لي كيف ؟! أقول هل حافظت عصابات الإستبداد والفساد والعمالة على وجود الأوطان أصلا حتى تنافح الثائرين بالثرثرة عن ذلك الوجود؟!

ألم يتواطئ نظام الطاغية ووريثه القاصر في تدمير العراق ؟! ألم يؤبّد هذين المجرمين احتلال الجولان ومنعا أي جهد مقاوم لتحريرها وذبّحوا الفلسطينيين ودمّروا مخيماتهم ؟! ألم يمكّنوا للمحتل الإيراني وفتحوا له كل منافذ الشام والعراق ليعبث فيها؟!

نمرّ إلى مدمّر ليبيا. ألم يسحق كل بناء مؤسسي فعلي للدولة الليبية حتى غدا حضورها شكليا؟! ألم يحرمها من أي نهوض وخلق فيها شبكات زبونية متخلفة أتت على كل تطلّع لمجتمع حديث؟!

ألم يفتح علي طالح اليمن للمافيات الإجرامية والتدخلات الأجنبية وحرمه من كل فرصة للنهوض؟ !

ماذا يعني وجود دولة بلا سيادة ومرتع للعصابات والتدخلات الأجنبية ؟! إلاّ إذا كنت تقصد بالوجود ذلك الوجود الشكلي المهلهل الذي يتلخّص في أجهزة قمع الشعب وبهرج سلطان غشوم؟!

طيب، هب أنّ ذلك "الوجود" كان موجودا، أليس حريّا كنس المجرمين الذي سحقوا الشعب وسدّوا كل منافذ التطوّر؟ ماذا نفعل بهكذا وجود مرّ عليه أكثر من نصف قرن مصحوبا بحالة انسداد دائمة حالت دون التطوّر؟

ألا يجدر بشعوبنا أن تصفع ذلك "الوجود" الرثّ بسؤالها الحارق حول مبرّر وجوده ؟!

ألا يحقّ لها كنس حكّام لم يراعوا إلاّ ولا ذمّة فيها وفي أوطانها ؟!

لا أودّ بهذه الأسئلة أن أسترسل في مساجلتك ولكن نفض أوهامكم وأكاذيبكم عن عين الحقيقة يفترض ذلك، وأنّى لكم أن تحجبوا عين الحقيقة ؟!

مهما ادّعيتم الوطنية فالوطن يسفّهكم، ومهما دمغتم شرف الثورات والتشكيك في عفّتها فالواقع يؤكّد أنّ إرادة الشعوب لا تقهر وأنّ أعمار الجلادين قصيرة وإن طالت وأنّ الحرية قادمة وإن طال تشعّبت دروبها.

أن تكون قوميا عربيا تقدميا فمعناه أن تكون مع الوطن ولكن تحت سيادة مواطنيه وأن تكون مع الشعب ولكن في مناخ مواطني تحفظ فيه حقوق كل النّاس دون أدنى تمييز مناطقي أو طائفي أو مذهبي.

أن تكون قوميا عربيا تقدميا فمعناه ان تقف مع الثوّار لكسر ثلاثية الإجرام: الطغاة والغزاة والغلاة.

حينذاك يكون للوجود معنى ويكون هناك أفقا للتطوّر .

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات