مُتسلّق الأزمة السورية.. تاريخٌ فارغٌ وبطولاتٌ وهميةٌ

مُتسلّق الأزمة السورية.. تاريخٌ فارغٌ وبطولاتٌ وهميةٌ
لا تختلف الحالة السوريّة عن أي حالةٍ اُخرى في بلد آخر فيما يتعلق بصعود جهاتٍ أو شخصيات بشكل مفاجئ خلال الأزمات والمِحَن التي قد يمرُّ بها بلد ما يعاني الحرب والفوضى ويطلق عليهم تسمية "المتسلقون "، يتعمّد هؤلاء  و "لكل أسلوبه " إلى إظهار أنفسهم على إنهم العارفون بأمور البلاد و العباد دون سواهم وأنهم من يملكون مفاتيح الحلول لكل قضية أو معضلة وما على الباقين سوى السير خلفهم والتصفيق لآرائهم مستغلين بذلك حاجة المواطن  لقشة نجاة وباب للخلاص مما هو فيه.

فمنذ الأشهر الأولى من الثورة السورية، صار الجميع يُشاهِد على شاشات التلفزة أو ضمن جهات حزبية أو في طواقم منظمات "المشاريع الانسانيّة" بعض الشخصيات التي طفت على السطح، بينما كان وجودهم شبه منعدم قبل ذلك، ويكاد لم يَسمع بهم أحٌد قطْ، لذا إختلف الناس في وضعهم ضمن الخانات التي يستحقونها، فمنهم من أدرك حقيقتهم على عجل وتفادى التصفيق لهم إيمانا منه إن هؤلاء المتسلقون أما إنهم من أصحاب  مبدأ "كسب المصالح الشخصية على حساب أي شيء كان " أو تخوفاً من تبعية هؤلاء لجهات  مجهولة تعمل على دعمهم ودفعهم للصفوف الأمامية لتحقيق مآرب ضيقة محصورة ضمن سياسات تلك الجهات الداعمة ،  بينما غُرّر بالبعض الآخر فرأوا في "قامات الصدفة" هذه أبطالاً وطنيين يعملون للصالح العام وهنا تكمن المصيبة ، عندما يؤمن الشخص بان المتسلق رجل مبدأ وحق

ظروف القضية السورية وتفاصيلها المختلفة ربما شكلت تربة خصبة لإزدياد و تفاقم ظهور هذه الشخصيات المتسلقة "الرخيصة" التي تشكل عبئا على المجتمع حاضراً ومستقبلاً دون شك، نظرا لما تتركه من أثر سلبي سواء على مسار الحلول في القضايا السياسيّة والأجتماعية التي تطالها أياديهم غالبا، أو فيما يتعلق بمسائل الخدمات والمعونات  في مناطق تواجدهم حيث يفضل غالبيتهم الوصول إليها  والتدخل في أمورها، نظرا لإمكانية الحصول على ميزات أو فوائد شخصية مباشرة وسريعة من هذه الأمور، وذلك عكس ما ينادون به من شعارات خاوية تتدعي بإن جل ما يفعلونه هو في خدمة الوطن والمواطن، حتى يظن المتابع لأحاديثهم وتحليلاتهم بإنه يستمع لوعود وترهات مسؤول بعثي صغير.

تأثير هؤلاء متفاقم ضمن المنطقة الكردية السورية في أقصى الشمال الشرقي كما غيرها من المناطق السورية، لكن كثرة الخلافات بين الجهات السياسة الكردية وإختلاف القوى السياسية والأمنية المسيطرة في تلك المنطقة شكل الداعم الأكبر ليأخذ المتسلق اقبح  وجوهه  ، حتى أطلق الناس تسميات خاصة على المعروفين منهم  ك"  الشخص الحرباء ، دكتور كل شيء ، العميل السابق الوطني…  "  ،فيما أصبح آخرون منهم يتدرجون ضمن المؤسسات المختلفة بجميع تصنيفاتها رغم إن عدداً  كبيراً منهم أما إنه كان حتى الأمس القريب موظفا لدى حكومة البعث وعضوا في حزبه أو  إنه قد إستغل الظروف الحالية عن طريق الكذب والنفاق وإطلاق الوعود والتغني بماضٍ مليء بالبطولات التي لا أساس لها من الصحة.

الثورات والحروب عادة تعطي المجال لأمور كثيرة بالظهور والازدهار في فترة زمنية معينة، نظرا لأسباب مشجعة عديدة  لسنا في صدد ذكرها ومن ثم يقل تأثيرها أو تختفي تماما حال توافر الظروف الطبيعية التي ترفضهم و التي لا يمكنهم الإستمرار في ظلها وتفضح أعمالهم وتكشف أوراقهم في كل عمل شاركوا فيه، لذا لايجب ان ينتظر المثقف الحقيقي  ويلعب دوره و على الجميع أن يشير بإصبعه الى الدخيل "المتسلق" ويفضح أكاذيبه على الملئ، فعلى عاتق  الشخصيات الوطنية كل من موقعه تقع المسؤلية التاريخية في وضع حد للاعبين بمصائر الشعوب وقوت يومها.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات