الإرهاب الإنساني والتضحية الوحشية

الإرهاب الإنساني والتضحية الوحشية
مذ بدأ شعاع النور يشرق على هذه البقعة، وبدأت الشمس تطلع ليوم جديد، يوم تاريخي ليس بجغرافي، إذ خَطَّ أطفالُ درعا أول حروف على الجدران تنادي بالحرية التي صُمَّت آذانهم بها في المدارس وشعارات البعث الكاذبة الخداعة، حتى انطلقت شرارة الثورة السورية، بعد أن عذب الأسد الأطفال ونكل بعيشهم رغم أنهم لم يبلغوا الحلم بعد!

شرعت أفكار الثورة تراود الشعب، ودقت الحرية أبواب البيوت، وطافت المظاهرات شوارع سوريا، وانطلقت ثورة سلمية ما لبثت أن قاومها الأسد بالقصف المدفعي على القرى والبلدات، بدءاً من درعا وحمص وحماة.

وبعد شهور، ظهرت الانشقاقات العسكرية في صفوف الجيش الأسدي، وبدأ حماة الديار ورافضي الظلم بالانشقاق تباعا، وبدأت فكرة تشكيل جيش حر للدفاع عن الشعب تلوح بالأفق، بعد أن زادت حملات الأسد الإجرامية وكشف الذئب عن أنيابه، وبدأ يتشكل الوعي السياسي عند الشعب الذي غُيب عنه طويلا، وباتت تعود إلى الذكرى ظلم أحداث "الثمانينات" وكيف أخمد الأسد الثورة بالمدافع وظل يلاحق المشتبه بهم حتى نهايات 2000م.

شكل الجيش الحر وأعلن عنه في 29/7/2011، وبدأ يدافع عن المدنيين ويذود عنهم، بعد أن أجبرت الثورة على حمل السلاح.

"روسيا" و"الصين" رفعتا حق "الفيتو" لمنع التدخل العسكري ضد "الأسد" من قوات "الناتو"، وبدأت ترسم المشاريع لإخماد الثورة من حلفاء النظام كروسيا والصين وإيران ولبنان والعراق.

وطبقت /3/ مشاريع تكميلية استخباراتية، الأولى "داعش"، ونقيضتها ومكملتها الطفيلية التي تغذيها وتتغذى عليها وهي "قوات سوريا الديموقراطية"، وأخيرا التحالف الدولي للقضاء على الإرهاب كما يدعي.

سارت المشاريع كما رُسم لها وخطط

مدعية الإسلام "داعش" تأخذ جزءا استراتيجيا من الأرض يتمتع بالثروات والخيرات ويتاخم حدود تركيا، ومدعية الديموقراطية "قوات سوريا الديموقراطية" تحاذي تركيا من طرفٍ آخر ويؤمن لها النظام الأسدي الإمدادات العسكرية والغذائية من معبر "الشيخ رز" الذي يصل مناطق قوات النظام مع مناطق الأحزاب السياسية المسلحة الانفصالية الكردية.

وطائرات التحالف ترتكب المجازر بحجة مكافحة الإرهاب، كما تفعل روسيا بمناطق جغرافية قريبة.

وكل هؤلاء الأعداء لا يأبهون لقتل المدنيين أو المسلحين أصحاب الحق، ويرمون أعداءهم الإنسانيين المضحين بتهمة الإرهاب كشماعةٍ كي يمارسوه، فيتحول أًصحاب التضحيات والبطولات إلى مجرمين قتلة، ويتحول المحتلُ المجرم إلى بطل إنسانيٍ محاربٍ للإرهاب.

فقد ارتكبت طائرات التحالف في 20/7/2016 مجزرة ليست الأولى في شمال منبج بحق المدنيين، فليس بالبعيد زمانيا وجغرافيا مجزرتها في قرية "كلجبرين" 27/5/2016 التي راح ضحيتها أكثر من /40/ شهيدا مدنيا بحجة ضرب "داعش" التي استولت على القرية حديثا.

ولم ترسل جنوداً ليقاتلوا الإرهاب كما يدعوا بل حاربوه بالغارات التي لا تسقط إلا على المدنيين العزل.

في الحقيقة:

من يقاتل داعش على الأرض، هو الجيش السوري الحر.

ومن يقاتل الأسد وميليشياته على الأرض، هو الجيش السوري الحر

من خرج لنصرة المستضعفين وقاتل دفاعا عن أنفسهم وأعراضهم وأموالهم هو الجيش الحر.

الذي يخرج بعتاد قليل وبعدة عقدية وإنسانية ليموت في ساحات الوغى دفاعا عن المستضعفين والمظلومين، أما طائرات التحالف فهي ما تلبث أن تصبح مجرمة كما الأسد أو داعش.

فلا فرق في الجريمة إن ارتكبها مدعو الإسلام أو الأرثذوكسية. فالجريمة تبقى جريمة، ولا فرق بين الذبح أو القنابل الفوسفورية العنقودية والصواريخ الفراغية، الفرق في نوعية أداة الجريمة فقط.

هي سلسلة إجرامية إرهابية، خطة مخابراتية محكمة التضييق، صناعة الثورة المضادة داعش وقوات سوريا الديموقراطية ثم وأد الثورة بشماعتها.

فلنكن منصفين، كما نحن إنسانيون ومضحون

يبقى المجرم مجرما، وتبقى الجريمة جريمة، ويبقى التاريخ يسجل الجرائم ضد المستضعفين.

فقد عودنا التاريخ أنه ربما يغفر ... لكنه لا ينسى أبداً.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات