لن يطلبوا من مكاتب السياحة ان تحجز لهم في جبال بورصة للتزلج بل ستطلب منهم اخذهم الى مكتب رئيس الجندرمة السابق الذي كان مع الانقلابيين , لا تستغرب ان بدل شغوفي العلوم السياسية قبلتهم الى مراكز الابحاث السياسية التي اتحفتنا بديمقراطيتها العرجاء لتكون وجهتم الحالية اروقة الجامعات التركية ومراكز الابحاث , كيف لا وقد بدأ الجميع يزاود على جوال المذيعة التركية التي كلمت الرئيس به , وبعض من طلبه قال ( انه جوال الحرية ) اريده كيف يلهم العرب , ربما بعد اسابيع ستجده في قصر التوب كابه , وله جناح خاص يقال له ( جناح جوال الحرية ) وربما يطلب منك 50 ليرة تركية لدخول هذا الجناح كجناح حريم السلطان في ذلك القصر.
بما الان سيكون لمياه ( سبانجة) التي تقدم في الفنادق الفخمة هنا فروع في بقية الدول ويتبارى التجار لأخذ الوكالة وتوزيعها , او ربما تجد احدهم يوصي من سيسافر الى تركيا ليقول له اريد حفنة من المياه الكبريتية من يالوا , سيأتي العديد منهم ليعيدوا شحذ همتهم ويعودا ادراجهم ليتخلصوا من وزر كبير اسمه الحاكم العربي المستبد المتفرد بكل شيء بالحاضر والماضي والمستقبل , سيأتي البعض ليراجع نفسه هنا , هل انا مستهلك للحداثة او صانع , سيأتون الى تركيا ليشاهدوا كيف يكون الانسان فاعلا وليس مفعول ( به وعليه وفيه ومنه), سيعيد كل ذلك الى الاذهان التاريخ والعاقل سيعيد مراجعة حساباته , وخاصة عندما لايجد هنا حريم سلطان بل سيجد علمدار , سيجد لميس وقد لبست العلم التركي ولم ترفع صورة رئيس الحزب الذي تتبناه , سيغوص السائح هنا كثير في معنى القبب خوذنا , سيدخل ليرى فيما اذا كان فعلا هنا اسلام ام الاسلام فقط عند المستغفرين ليلا نهارا الممجدين للحاكم أخطأ أم أصاب , سيعلم السائح هنا مكان الحذاء العسكري الحقيقي وسيعلم ماذا يعني انشغال كل ذي علم بعلمه , وكيف يحمون الوطن عندما يطلب منهم القائد ذلك وفي الوقت المناسب.
فلا يعمل الشرعي سياسي في اوقات الفراغ ولا يعمل الحلاق حكيم اسنان في الحارة بعد الدوام , نعم سيأتي دعاة حماية الأقليات ليتعلموا من هنا كيف أن الأقلية الكردية والعلوية التي تركت خلافاتها جانبا وهبت لإنقاذ وطن وجغرافيا , سيتعلم السائح الديمقراطي ان فعلا ما يفصل بين اوربا واسيا ليس فقط مجرد مضيق بل بحااار , سيأتي السائح الديمقراطي ليرى تماثيل النمرود القابعة على الجبل تراقب عن كثب ماجنته الديمقراطية بأبهى معانيها , سيتأثر السائح الديمقراطي باللحن التركي وسيعشق الشاي التركي بأنواعه الثلاثة ( الخفيف والثقيل والوسط) , وعندما يعود ادراجه ستجده حمل معه عبقا رائعا جميلا يسري في جسده مثل الروح التي تعطي الطاقة وتقول له دائما ( لسا الدنيا بخير)
التعليقات (0)