ماذا بعد فشل الانقلاب التركي

ماذا بعد فشل الانقلاب التركي
في الانقلاب التركي تتراءى ظاهرتان: الأولى، أن الغرب بفرعيه الأوربي والأمريكي لم يكن مسروراً من فشل الانقلاب، ولا يحتاج الأمر أكثر من متابعة مواقفهم وتصريحاتهم حتى نصل إلى تلك القناعة، والثانية: أن حجم الملاحقات والاعتقالات، مدنياً وعسكرياً، يدل على حجم المعارضة التركيةغير الحزبية أو ما يسمى: التشكبل الموازي، فالأحزاب التركية المشاركة بالبرلمان مجتمعة كانت مع نظام السلطة الحاكمة في موقفها من الانقلاب،فحجم التشكيل الموازي ومن تحالف معه، يسمح لمؤيدي الانقلاب في الداخل والخارج أن يمدوا ألسنة طوالاً متسائلين عن مصير الديموقراطية التركية بعد هذا المشهد "التصفوي" الذي قد يتبادر إلى ذهن بعض المثقفين- وبخاصة السوريين- أنه مشابه لتصفيات الأسد بعد حماة الثمانينات، دون مراعاة ما قبلها وما بعدها.

لكنَ التدقيق يقضتي أن نتساءل أولاً: لماذا كان رأس أردوكان تحديداً هو المطلوب من الانقلاب ، وما سبب كره الغرب له ولنظامه،مع أنه كان حريصاً على أن يبقى في الحلف الغربي" الناتو" والتقرب إلى دول الاتحاد الأوربي عله يفوز بعضويتها بعد أن حقق شروطها جميعها لقبول تركيا بالاتحاد الأوربي، و أننا جميعاً في سورية- على الأقل- كنا نلمس بوضوح مسايرته لهم بشأن أهم قضية تتعلق بالأمن القومي السوري والتركي وهي معالجة مسألة الثورة السورية، إذ أن سياسة الناتو والغرب عامة عارضته باقتراحاته كلها لزحزحة المسألة، وتخفيف عبء اللاجئين عليه، وتثبيت السوريين في وطنهم من خلال إيجاد منطقة محمية على غرار منطقة شمال العراق في عهد صدام حسين، كما عارضته في مسألة تسليح الجيش الحر بأسلحة نوعية تجعل الميزان قابلاً لحل سياسي عادل، والرجل لم يخالفهم بالأمرين بالرغم من ضيقه الشديد بتلك المواقف،وفي موضوع دخول الدواعش من خلال تركيا إلى سورية وضع شروطاً وأخذ احتياطات غير قليلة للحد مما يشتكون، قد تكون أشد من الاحتياطات التي قامت بها بعض الدول الأوربية مما عرًض أمنه الداخلي لاضطرابات تركت الباب مفتوحاً لدخول معارضيه الأكراد وألأجهزة الأسدية المعادية وغيرها للعب في ذاك الميدان. واللافت للنظر أن الحدود الشرقية للعراق وسورية كانت مفتوحة لتسلل الدواعش دون أن يُبدي الغرب أية ملاحظة بشأنها.

بصرف النظر عن الأسباب الحقيقية للمواقف الغربية من سياساته، وإذا كانت لها علاقة بإسلاميته التي توافقت مع علمانية الدولة والدستور الأتاتوركي أو استقلاليته النسبية عنهم، أو تغييره الأخير لسياسته تجاه روسيا تحديداً وإجراء مصالحة معها قد تُخفي ضرراً بالمصالح الغربية في تركيا أو لأمور خفية تتعلق بالنظام العالمي الجديدالذي يخلق الفوضى ويجعل الشعوب تتصارع وتتضارب وتمزق أنسجتها الاجتماعية، لينفذ ما هو مرسوم للمنطقة كلها من خرائط وسياسات لايعلمها إلا كل خبير ببواطن الجمعيات السرية العالمية، بصرف النظر عن كل ذلك فإن ما يهم الآن هو إمكانية النجاح الاجتماعي للانقلاب الذي قد تُبدده أية سياسة خاطئة تعالج فشله في سحب السلطة من يد النظام الأردوغاني...كتداول الحديث عن تعديل الدستور باتجاه حكم رئاسي، أو التوسعة بالاعتقالات دون شفافية بالمحاكمات، أو التسرع بالتصفيات مما يسبب تراجعاً ملموساً عن الديموقراطية وبخاصة أنه أعلن حالة الطواريء لمدة ثلاثة أشهر( نتمنى أن تكون كافية فلا تمدد أكثر) إضافة إلى عدم الاستخفاف بتأييد المعارضة السياسية ذات الموقف الوطني الرائع، أو التحدي المبالغ به لسياسة الدول الكبرى، أو...

صحيح أننا نعلم بوجود مفكرين كبار أمثال داوود أوغلو إلى جانب أردوغان وأنهم يُحسنون التصرف بالأزمات، ولكن تجربة شعوبنا مع انتصار حرب 1973 التي حولتها سياسة السادات إلى شبه هزيمة، وانقلاب 8آذارعلى الانفصال في سورية الذي كرَس انفصالاً ديكتاتورياً بعد انفصالٍ ذي نظامٍ ديموقراطي ليبرالي، بل ما وصلت إليه ثورات الربيع العربي بعد أن فاجأت شعوبها العالم بعمقها الحضاري،  تجاربنا تلك وغيرها الكثير... تجعلنا نخاف النتائج البعيدة لانتصارات يُعدَ أعداؤها لهزيمتها ثانيةً لحظة إعلانها، إن السياسة الأردوغانية اليوم تسير على حرف سيف،  عليها أن تحسب خطواتها جيداً داخلياً وخارجياً، فالسقوط يهددها إن مالت يميناً أو يساراً، وقلب الشعوب قُلَب، ما أكثر ما تلاعب الإعلام به وفبرك الحوادث وأتقن التمثيليات،

قد يقول قائلٌ لا توصِ حريصاً فأهل تركيا أعلم يشعاب مشاكلها، وأقول إني لا أفعل ذلك خوفا على تركيا فقط أو على طريقة"بلى ولكن ليطمئن قلبي"، ولكن لأن مايحدث هناك يؤثر تأثيراً مباشراً على الثورة السورية، وسورية الشعب والوطن، ومع أن الثورة السورية تفجرت بدون أردوغان ونظامه الذي كان لفترة غير قليلة حليفاً لنظام الأسد، و لم يستطع المحافظة على الخطوط الحمر التي رسمها، لكن ظروف الثورة تغيرت كثيراً والمواقف الدولية تبدلت بمسافات مختلفة، ولابد لسياسة تركيا أن تأخذ ذلك بحساباتها، وأصبح السوريون في وضع يتمسكون فيه باليد التي تُمد لمساعدتهم بما سمحت ظروفها، وبالتأكيد فإن أية شرذمة لها أو بث الفوضى في المجتمع التركي وتمزيقه هو انهيار للوطن السوري ومجتمعه وثورته، وربما تمديد لطغاته إلى أجلٍ غير مسمى، أبعد الله عن الشعب التركي المصائب التي وقع غيره بها، ونصر ثورتنا اليتيمة،

  

التعليقات (3)

    سوري اصيل

    ·منذ 7 سنوات 8 أشهر
    كانت سوريه افضل البلدان لكن بثورتكم اللعينه كما الثورات العربيه المزعومه هي التي دمرت بلدنا

    االسلاح بإيد النظام بيجرح

    ·منذ 7 سنوات 8 أشهر
    من معد للثوره السوريه وكان يشتهي اليوم الذي يهرج فيه الشعب الى الشوارع وكان يسيل لعابه لسفك الدماء هو النظام الذي اشعل الثوره بعد قتل وتعذيب الاطفال وتحدي واهانه قيادات عشائراكبر خزان بشري في جنوب سوريه والذي اجج الثوره السوريه هو نفس النظام الذي كان يتظاهر بأنه يسعى للمصالحه بينما تأمره ايران امرا وكذلك الغرب ان لاحل الا بالحديد والنار لاتبيضو علينا الشعب الاعزل ليس غبي حتى يثور من فراغ

    حسن وطفة

    ·منذ 7 سنوات 8 أشهر
    الله المستعان
3

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات