الأزمات العربية المستعصية ، والحلول المقترحة للخروج من أزماتها

الأزمات العربية المستعصية ، والحلول المقترحة للخروج من أزماتها
الأزمات العربية المستعصية ، والحلول المقترحة للخروج من ازماتها...

لا زلت وغيري ربما الملايين من العرب عموماً ، وبشكل خاص من السوريين بفعل الجرح الغائر والنازف ، نفكر  وصولاً  لمرحلة البحث والتحري  عن  الكيفية التي   ضربت بها ومن خلالها  منطقتنا ولازالت تترنح  ، حيث وصلنا الى هذا الواقع المهين من القتل والقتل المضاد الذي يستهدف العباد وبدون رأفة،  يغذي ذلك الأحقاد التي يتصرف البعض وفقها على انها تاريخية ، وان ما يقومون به اليوم ان هو الا اعادة تصويب مسار التاريخ ، فهم بذلك يستنهضون احقاد الماضي التي كنا اعتقدنا واهمين ان الدهر كان قد أكل عليها وشرب ...

هذا واقع ملموس وموجود عند البعض ، لكن الاكثرية كانت قد وقعت في براثنه فقد استطاع البعض الذي يريد أثرة او انانية ان يوقظ الفتنة معللاً النفس ، بإطالة امد حياته السلطوية بادعائه ان وجوده ربما مسألة ذات مساس برغبة الهية ...

تم ايقاظ الفتنة النائمة ، واستثيرت المشاعر ، وتم التلاعب بالعواطف ، والعزف على أوتار الغرائز ، وليس  من ضمن ذلك  اي معطيات وطنية وان ادعى البعض بذلك زوراً فالغايات بحت قاصرة ودنيئة ،  وان نمق الكلام ورفعت شعارات تدين الأفعال الضيقة والقاصرة والمقيتة  الا اني على يقين ان ذلك لم يكن سوى مسألة ثانوية بعدف التعمية والتضليل ليس الا ، فالمحرك المهم  لدى البعض كان هو الاستئثار بالسلطة عن طريق اغتصابها مجدداً ، او استمرار اغتصابها على ايد كانت تدعي الوطنية ...

اعتقد وبعد طول بحث محكماً العقل والضمير والأمانة البحثية بأبعادها الوطنية ان جلّ كوارثنا التي نحيا تتلخص في أن العرب  المحكومين بأنظمة جمهورية ، او انظمة وراثية ملكية كانت ام سلطنات او امارات ، وكلها عملياً تجافي منطق الحداثة وروحها ،لانعدام آليات تداول السلطة والمشاركة في ممارستها،  لأن لعالم المتحضر من حولنا كان قد تجاوز ذلك حتى في الدول الملكية ،  فكلها ومن عشرات السنين بالملكيات فيها   دستورية ...

اجزم ان كل مآسينا التي عشنا ونعيش وسنعيش تكمن في انعدام قدرة العرب حكاماً كانوا او محكومين عن صياغة عقد اجتماعي بينهم يضمن وسائل وآليات انتقال السلطة وتداولها سلمياً ، ولعل ذلك يعود الى غياب الحريات الحقيقية ، وبدوره كان قد اثر على كل الاجراءات والممارسات الديموقراطية، التي عندما كان يمارسها العرب وهم آسفون  لم تكن ممارستهم لها اكثر من تمثيلية رديئة النص والاخراج اعتمد فيها الفنيون والقائمون عليها على المواطنين بتأدية ادوار تقليدية فارغة المضامين والغاية غالباً ترسيخ حكم الزعيم  الذي كان قائداً ملهماً و مفدى ورمز الى ما هنالك من صفات توصله ربما لحد التقديس وربما التأليه ، فتصبح إرادته من ارادة السماء ، حتى وصل الأمر عند  بعض الزعماء ان اسبقوا اسمهم باسم محمد واطلقوا على ذواتهم الرئيس المؤمن ، اجمالاً وبفعل النفاق والدجل والرياء الذي احيط به القادة ( الملائكة والأنبياء ) كانوا قد صدقوا انهم  ليسوا ربما من صنف  من هم في أمرتهم ، فعلى سبيل المثال كان قد هتف بعض صبية سرايا الدفاع خاصة رفعت الأسد يوماً هتافاً قالوا فيه ( حلك يا الله حلك حافظ يقعد محلك )  ....

لن يرى العرب نور صباح بعد طول ظلمة ليل الا بإطلاق الحريات وتعميق مفاهيم العملية الديموقراطية بما يترب على ذلك  وجود احزاب وقوى سياسية وطنية وتقدمية ، تستقطب بأفكارها بأعمالها المنسجمة مع ما تعتقد مضافاً اليه جيد صنائعها كل ذلك في اطار كسب ود وقناعات المواطنين ،  بحيث يصبح  الانضمام لديها لا لمصلحة ذاتية بل لغايات موضوعية، فيها خدمة عامة وشاملة لا تقتصر على جماعة المنتسبين لهذا الحزب او ذاك  او الموالين له فحسب...

لابد من عملية تثقيف تقلب المفاهيم الحالية وتؤدي الى التعاطي مع المسائل الوطنية بكل وعي وموضوعية ، يتم التأكيد من خلالها ان العمل الجماعي  المعبر  الصادق الصدوق بالنسبة للمسائل ذات المساس بالقضايا الوطنية، لن يكون هذا مسألة حصرية تقتصر على فئة دون غيرها ممن حاولت الأنظمة العربية عبر تاريخها الإيحاء ان لهم الأفضلية على سواهم من بقية اشقائهم في البلد الواحد ...

لابد من الاقتناع  ان الشرعية تأتي عبر صناديق الاقتراع وليس عبر فوهات  البنادق ، وان الحق هو مصدر القوة  ، لا القوة هي مصد الحق ...

صحيح ان الوصول لهذا سيأخذ وقتاً طويلاً لكن ان تأتي متأخراً خير من ان لا تأتي ولا بد ان نبدأ ، ولن نصل الى هذا ولن يصبح واقعاً معاشاً  للوطن الا عندما يصبح له ( للوطن ) طائفته الوطن الكبرى  من خلال الوصول الى الوحدة الوطنيّة اللاطائفيّة التي  لن  تقوم إلا بالتفكّك الطائفيّ .. لا أقول بالتفكّك الطائفيّ الكليّ او بشكل مطلق ، أيّ الاضمحلال الطائفيّ والزوال ، فهو غير منتظر في ظل انظمة عربية حالية ،  ما اقصده وادعو اليه هو  التفكّك في الطائفة وذلك من خلال تفرق أعضائها ليتّحدوا مع أعضاءٍ متفرّقين من طوائف أخرى ،  لأغراضٍ سياسيّةٍ وطنيّةٍ عالية .. هذا هو المطلوب آنياً .. واعتقد هنا إن ابن الطائفة البارّ لا يستطيع أن ينضمّ إلى الطائفة الكبرى انضماماً صادقاً ثابتاً وثيقاً، سياسيّاً وثقافيّاً، قبل أن يتّجه بقلبه إلى الوحدة الوطنيّة، وقبل أن ينبذ، من ذهنه ومن إرثه، التقاليد الطائفيّة التي تحول دون ذلك الاتّجاه.

التعليقات (2)

    المنتصر عبد الرحمان من الجزائر طالب ثانوي

    ·منذ 7 سنوات 7 أشهر
    أتقدم بالشكر و التقدير للباحث و المفكر "صلاح قيراطة "على هذا المقال الجيد وبدوري أسانيده في أفكاره التي تنبع من ضمير حي وليت العرب ينهضوا من سباتهم العميق والعميق .

    عطاء الله بشرى من بجاية القبائل الصغرى -الجزائر

    ·منذ 7 سنوات 7 أشهر
    ماذا أقول للعرب بعدما قرأت هذا المقال الذي يعبر عن حقيقة الوضع المتأ زوم الذي تعيشه الدول العربية؟ إلى متى يبقى العرب في دائرة النزاغات و الفتن والحروب الاهلية إلى متى؟
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات