الأسد في الطبقة .. والبغدادي مشروع "شهيد"

الأسد في الطبقة .. والبغدادي مشروع "شهيد"
بشار الأسد الذي لم يكن يحلم حتى بصورة في الشمال السوري كالتي التقطتها عدسات مصوريه في بابا عمرو، الأسد اليوم يرسل قواته إلى الطبقة ومطارها العسكري ليستعيد السيطرة عليها من قبضة تنظيم الدولة، وهذه العملية العسكرية التي كانت قبل أشهر إعجازاً غير قابل للتحقيق أصبحت بفضل عدة عوامل، عملية حقيقية أعد لها بشار الأسد العدد والعدة وباشرها برعاية روسية، وربما بتوجيه روسي أيضاً وذلك لتسجيل نقاط على حساب مهاجمين أخرين لهم مطامع أخرى في المنطقة.

منطقياً لم يكن مقبولاً الغوص حتى في احتمال إتمام هكذا عملية، فكيف الغوص في أبعاد نتائجها إذا ما استمر أبوبكر البغدادي بلعب دور "الشهيد" الذي يتلبس دولته وعناصره في الفترة الأخيرة التي كثر فيها من يهاجم أطراف الدولة العتيدة وينكل برعاياها المتروكين، قوات الأسد أصبحت فعلا على بعد 15-20 كليو متر من مطار الطبقة، وما عزز من احتماليات إكمال هذه القوات لتقدمها بعد أن راوحت في مكانها وروجت دعائيا للتقدم هو الضربات الروسية غير المسبوقة على المدينة وعلى مدنيها المنكوبين بالمصيرين.

لكن ما الذي ومن الذي سمح للأسد بهذا التقدم رغم أن قواته ومن معها من مليشيات شيعية تتقهقر في أرياف حلب واللاذقية ورغم أن هذا التقدم كان على الأقل ظاهرياً محرم عليها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية التي تقود التحالف الدولي الذي يقاتل بدوره التنظيم في كل مكان، وكان المبرر دائما أن سلاح جو التحالف الدولي  إن لم يستهدف قوات الأسد فهو حتما لن يكون غطاء لتقدمها في أي أرض سورية، فضلا عن تفاهمات حُكي عنها (أميركية – روسية) تقضي بإبعاد الأسد عن مناطق عمل التحالف الدولي ضد التنظيم، حتى لا يكون وريثا للأرض فيما لو انسحب عناصر التنظيم منها أو أجبروا على ذلك، لكن يبدو أن موسكو تعاند في اتفاقها وتريد من نظيرتها (المشغولة عن المنطقة وأهلها بالانتخابات الرئاسية) تسجيل نقاط علها تستثمرها مع الرئيس القادم بعد أن سلمها باراك أوباما الملف السوري برمته وترك لنفسه هامش المناورة في حربه على تنظيم الدولة؛ الروس إذاً وفروا غطاء لجنود الأسد كما مضوا في عادتهم بقصف المدنيين في المنطقة على أمل قتلهم أو تهجيرهم باعتبارهم "حاضنة إرهابية" للتنظيم، لكن الأهم هو الدور الأميركي في العملية وهو دور يمكن تسميته بـ"غير المباشر" لكن لا يمكن الجزم بأنه غير مقصود، فالقوات الأميركية هي من فتحت الطريق لقوات الأسد ومليشياته لتصل أطراف الطبقة ومطارها ساهمت بذلك من خلال تشكيلها ودعمها لقوات سوريا الديمقراطية كغطاء للوحدات الكردية ذراع حزب العمال الكردستاني "المصنف إرهابيا"، شكلتها لتقاتل التنظيم فقط رغم تحالفها مع الأسد واعترافه غير مرة بمدها بالسلاح وتسهيل مهماتها، ولم تكتف واشنطن بدعم هذه الوحدات بل شاركتها في خطة القتال والقتال على الأرض في الطريق إلى منبج وحصارها.

 وهذا كان جليا في صور الجنود الأمريكان في سوريا وهم يعلقون شعارات حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي بقيادة صالح مسلم فضلا عن الإيهام بالهجوم على الرقة ومن ثم التحول إلى منبج وحصارها وقطع الطرق عن الطبقة ليستفرد بها الأسد وذلك لم يكن متوقعا بل مستحيلا لولا أن القوات الأميركية سخرت جسورا عسكرية وإمدادا ومعدات لنقل قوات سوريا الديمقراطية وعبورها الفرات إلى غربه الذي كانت الجارة تركيا تدعي أنه محرم.

إذا الأسد قد يصل الطبقة ويلتقط صورة على أنقاضها، وكل من حارب في المنطقة سهل له ذلك بقصد أو دونه، لكن الأمر يكاد يصبح واقعا وهذا ما سيستغله الأسد في كل ملاعبه الميدانية والسياسية، من الحرب إلى المفاوضات وهو الذي ظهر في خطابه الأخير ينسف كل ما بني على عجل من عملية سياسية بعد أن تحدث عن استعادة "كل شبر" من سوريا، رافضا أي مستقبل للمفاوضات مع المعارضة هو ذاته، قبل أشهر، كان خانعا في خطاب اعترف بأن قواته ومرتزقته انسحبوا وهزموا في بعض المناطق في سوريا لإنقاذ المناطق الأكثر أهمية، ما الذي تغير؟

تغير، التسارع في مستوى الخذلان والترك الأميركي للمعارضة الحقيقية والضغط عليها أيضا، ودخول روسيا التي احتلت الأرض وسخرت الأسد لمشروعها مقابل الاحتفاظ بكرسيه ليصبح هو الأضعف بين الحلفاء الذين تبنوا إنقاذ "النظام" فهو لا يملك قوة روسيا المحتلة ولا سطوة إيران التي لها مقاتليها وخططها تنفذها بمفردها دون الحاجة لأحد وليس حتى بقوة حسن نصرالله وحزبه الذي يملك نفوذا عقائديا عند أتباعه في سوريا ويحتل عناصره جزءا من الأرض، هذه العناصر خاضت قتالاً ضد قوات بشار الأسد وما انفكت تخونها وتسخر من مقدرتها القتالية، إذاً ماذا يملك الأسد وعلى ماذا يراهن؟ يملك الوهم ويراهن على صورة في الطبقة، لا أراها مكلفة بل متفق عليها وعلى كادرها، لكن المكلف هو ما بعدها مكلف للجميع.

التعليقات (3)

    عبد الله

    ·منذ 7 سنوات 10 أشهر
    حسنا، فلتذهب حضرتك إذاً وتتابع مناشدة امريكا وحلفائها ومجتمعهم الدولي كما هو الحال منذ اكثر من خمس سنوات، فلربما حنو عليك وظفرت ببعض الفتات. هزلت والله ثم هزلت!

    عبد الله

    ·منذ 7 سنوات 10 أشهر
    حسنا، فلتذهب حضرتك إذاً وتتابع مناشدة امريكا وحلفائها ومجتمعهم الدولي كما هو الحال منذ اكثر من خمس سنوات، فلربما حنو عليك وظفرت ببعض الفتات. هزلت والله ثم هزلت!

    عبدالله

    ·منذ 7 سنوات 10 أشهر
    اللهم إني صائم
3

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات