هل ستتغير السياسة الخارجية التركية؟

هل ستتغير السياسة الخارجية التركية؟
كان أحمد داود أوغلو، صاحب نظرية «صفر مشاكل»، مهندس السياسة الخارجية التركية لسنين طويلة، ومنذ تعيينه كبير المستشارين لرئيس الوزراء ترك بصماته على الدبلوماسية، وبُنِيتْ سياسة خارجية تركيا إلى حد كبير على نظرياته الشهيرة، وتبنت أنقرة سياسة خارجية فعالة والانفتاح على جميع الاتجاهات، وكنتيجة طبيعية لهذه السياسة زاد عدد سفارات تركيا في القارة السمراء ولأول مرة قام الرؤساء الأتراك بزيارات لبعض العواصم لتعزيز علاقات أنقرة معها في مختلف المجالات.

هناك أسئلة تطرح نفسها وتشغل المتابعين للشأن التركي، بعد تنحي داود أوغلو عن رئاسة حزب العدالة والتنمية ورئاسة الوزراء وتشكيل حكومة جديدة برئاسة بن علي يلدريم، مثل: «هل ستتغير السياسة الخارجية التركية التي رسم ملامحها داود أوغلو طوال أكثر من عشر سنوات؟» و»هل ستتخلى أنقرة عن تبني سياسة خارجية فعالة للتركيز على حل المشاكل الداخلية؟» و»من الذي سيرسم خطوط السياسة الخارجية الجديدة؟».

يدور الحديث حالياً في بعض الكواليس أن السياسة الخارجية التي تبنتها الحكومة التركية خلال تولي داود أوغلو لوزارة الخارجية ورئاسة الوزراء فشلت في بعض الملفات الإقليمية، مثل الملف السوري، وأن الحكومة الجديدة ستتبنى سياسة خارجية مختلفة، دون أن يذكر أحد تفاصيل هذا التغيير المتوقع، ويتحدث محللون عن ترميم العلاقات مع موسكو، أو تقارب محتمل بين أنقرة وطهران لمواجهة خطر تقسيم سوريا والتفاهم الأميركي الروسي الذي يهدد مصالح كِلا البلدين.

وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو حافظ على منصبه في التشكيل الوزاري الجديد، وهذا مؤشر يشير إلى أن السياسة الخارجية التركية لا ينتظرها في المستقبل القريب تغيير جذري، كما أن داود أوغلو مَهْمَا كان مهندس هذه السياسة فإن الحكومة التركية تبنتها طوال أكثر من عشر سنوات بموافقة أردوغان، ولم تكن تلك الموافقة مجرد مصادقة دون وعي ومعرفة.

السياسة الخارجية تشهد مناورات وتحالفات وفقاً للمصالح والمتغيرات، وقد تسوء العلاقات بين البلدين أو تتحسن في ظل الظروف والتوازنات المتقلبة، ومن الطبيعي أن تسعى الحكومة التركية الجديدة إلى تنويع خياراتها وتوسيع المساحة التي تتحرك فيها لمواجهة المخاطر والتحديات، ولكن هذا السعي لا يعني التخلي عن الثوابت أو تغيير السياسة الخارجية برمتها.

التغيير المحتمل الذي يتحدث عنه كتاب ومحللون لم يخرج حتى الآن من دائرة التخمين والتكهن والأماني. ومن المؤكد أن أنقرة ستواصل الانفتاح وتبني السياسة الخارجية الفعالة التي انتهجتها منذ تولي حزب العدالة والتنمية حكم البلاد، وستعمل في إطار الممكن للاستفادة من هذه السياسة التي تعد من أبرز نجاحات الحكومة التركية في عهد حزب العدالة والتنمية.

السياسة الخارجية الحالية بناها أردوغان وداود أوغلو معا، وقد يكون هناك ما يحتاج إلى التصحيح والمراجعة في هذه السياسة، إلا أنه من غير المتوقع على الإطلاق أن يشطب أردوغان على كل ما رسمه داود أوغلو في الخارجية التركية.;

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات