روسيا تهندس دستوراً لسوريا بتعديلات جوهرية تطال "الفقه الإسلامي"

 روسيا تهندس دستوراً لسوريا بتعديلات جوهرية تطال "الفقه الإسلامي"
كشفت صحيفة "الأخبار" اللبنانية الناطقة باسم ميليشيا "حزب الله"، أن روسيا أنهت صياغة مشروع دستور جديد لسوريا، تضمن بنود استثنائية وتعديلات جوهرية ومواد جديدة تختلف عن الدستور الحالي، عبر شطب العديد من الفقرات الأساسية كتعريف الجمهورية ووضع الجيش وشكل البرلمان السوري، إلى جانب اسقاط شرط أن "الفقه الإسلامي" هو مصدر التشريع.

شطب شرط ديانة الرئيس و"الفقه الإسلامي" في التشريع

وأكدت الصحيفة أن روسيا شطبت في دستورها الجديد المفروض على سوريا "شرط ديانة الرئيس"، بأن يكون مسلماً، إلى جانب اسقاط شرط أن "الفقه الإسلامي" هو مصدر التشريع.

يشار هنا أنه في بداية السبعينات، طرح النظام مسودة دستور لا تنص على أن "الإسلام هو دين رئيس الجمهورية"، وعندما حصلت "احتجاجات" في المجتمع ذي الغالبية الإسلامية، طرحت مسودة جديدة فيها مادتان، "الثالثة"، تشترط الإسلام ديناً لرئيس الجمهورية، و الثامنة تنص على أن حزب "البعث" هو القائد للمجتمع والدولة، وقتذاك، مرر النظام المادة الثامنة تحت مظلة الثالثة، وبقي الدستور قائماً في سوريا، بمادتيه الثالثة والثامنة، إلى العام ٢٠١٢، عندما جرى التخلي عن الأخيرة في النصوص مع إصدار قوانين أخرى أبقت على "البعث" حاكماً في البلاد.

كما اعترض بشار الأسد قبل شهر على تولي المسلمين "السنة" تحديداً رئاسة الجمهورية، وذلك تطبيقاً لرغبة روسية في هذا الشأن، فقد أطل وزير الخارجية الروسي "سيرغي لافروف" في عام 2012، ليعبر عن وجود مخاوف لدى بلاده من وصول "السنة" إلى السلطة في سوريا إذا سقط نظام الأسد.

إلغاء لفظ الجلالة في القسم

وأبعد من ذلك، المشروع الروسي وصل إلى تعديل في القسم الدستوري، ليُسقط مثلاً القسم بلفظ الجلالة (الله)، أو أي اشارة "قومية عربية" أو "اشتراكية"، ليكون: "أقسم أن ألتزم بدستور البلاد وقوانينها، وأن أحترم وأحمي حقوق وحريات الانسان والمواطن، وأن أدافع عن سيادة الوطن واستقلاله وسلامة أرضه، وأن أتصرّف دائماً وفقاً لمصالح الشعب". أما القسم الحالي، فهو: "أقسم بالله العظيم أن أحترم دستور البلاد وقوانينها ونظامها الجمهوري، وأن أرعى مصالح الشعب وحرياته، وأحافظ على سيادة الوطن واستقلاله وحريته والدفاع عن سلامة أرضه، وأن أعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية ووحدة الأمة العربية".

منظمات دينية واجتماعية

يظهر في المشروع الروسي مصطلح "المنظمة الدينية"، إذ تفيد إحدى المواد أنه تحترم "كافة الأديان والمنظمات الدينية... وهذه المنظمات متساوية أمام القانون"، وكذلك مصطلح "المنظمة الاجتماعية"، في الكلام مثلاً عن أنه "لا يجوز لأي مجموعة أو منظمة اجتماعية أو شخص استملاك صلاحية ممارسة السلطة"... وأنه من "المعترف به في سوريا التنوع الأيديولوجي ولا يجوز اعتبار أية ايديولوجية عامة أو الزامية. إن الجمعيات الاجتماعية متساوية أمام القانون".

سلخ كلمة العربية 

كما سلخت التعديلات الروسية كلمة "العربية" من تعريف "الجمهورية العربية السورية"، إلى جانب نزع أي إشارات قومية واشتراكية، ليسقط مثلاً من القسم الدستوري "العمل على تحقيق العدالة الاجتماعية ووحدة الأمة العربية"، ليستبدلها بنزوع أوضح نحو "الاقتصاد الحر والوطنية" مكان "القومية".

تعديلات على شروط الترشح لرئاسة الجمهورية

يتضمن المشروع الروسي أن الشرط للترشح لرئاسة الجمهورية أن يكون المرشح قد أتم الأربعين عاماً من عمره وأن يكون متمتعاً بالجنسية السورية، أي شُطبت عبارة إضافية من الدستور السابق بأنه يجب أيضاً أن يكون من "أبوين متمتعين بالجنسية السورية بالولادة"، وأن "لا يكون متزوجاً من غير سورية".

7 أعوام لولايتين

وينتخب الرئيس، حسب المشروع الروسي، لمدة سبعة أعوام ولا يجوز اعادة انتخاب الشخص نفسه إلا لولاية واحدة تالية، ويؤدي الرئيس المنتخب القسم الدستوري أمام أعضاء جمعيتي الشعب والمناطق.

الوساطة بين الدولة والمجتمع!

وتشير مادة جديدة أخرى، إلى أنّ الرئيس يتولى "مهمة الوساطة" بين سلطات الدولة وبين الدولة والمجتمع، ولا يلحظ المشروع أي سلطات تشريعية للرئيس.

الإبقاء على قيادة الجيش في يد الرئيس

وتخضع له القوات المسلحة ويتولى مهمات القائد الأعلى للقوات المسلحة، وفي حال العدوان أو الخطر بالعدوان يحقّ له اتخاذ الاجراءات للتصدي له و"يبلغ بها جمعيتي الشعب والمناطق"، ويحق له اعلان التعبئة العامة ويطرح إلى جمعية المناطق الموافقة على اعلانها، كما يحق له اعلان حالة الطوارئ "بالموافقة المسبقة لجمعية المناطق". وفي تأكيد إضافي لدور هذه الجمعية، تتولى الأخيرة مهمات رئيس الجمهورية في حال الشغور الرئاسي أو عجز الرئيس عن تأدية مهماته، بعد اثبات عجز رئيس مجلس الوزراء أيضاً عن ذلك.

صلاحيات واسعة و"مقيدة" لمجلس الوزراء

في المقابل، منحت التعديلات الروسية صلاحيات واسعة لمجلس الوزراء، ولما سُمي "جمعية المناطق" (الإدارات المحلية)، في شكلها الحالي بصلاحيات موسعة تقيّد مركزية السلطات.

وتنص التعديلات الروسية بأن يمتلك مجلس الوزراء مسؤولية سياسية عن أعماله أمام رئيس الجمهورية وجمعية المناطق، ويحق لرئيس الجمهورية تحديد الاتجاه العام لأعمال المجلس ويشرف على تنفيذ القوانين وعمل أجهزة الدولة. 

ويحق للحكومة، في صلاحيات إضافية عن الدستور الساري، "عقد معاهدات واتفاقيات تعطي الشركات الأجنبية حق الامتياز، والاتفاقيات التي تقصد نفقات إضافية غير منصوص عليها في الموازنة، وأيضاً "تعيين وفصل موظفين الدولة والعسكريين". كذلك، تستطيع الحكومة أن تصدر مراسيم أيضاً، و"يجري اصدار هذه المراسيم على أساس القانون الذي يعطي الحكومة صلاحيات مناسبة".

ويحق لثلث أعضاء جمعية المناطق طرح حجب الثقة عن الحكومة (مثل جمعية الشعب"). كما يحق للجمعيتين في "جلستهما المشتركة" حجب الثقة عن الحكومة بأغلبية أصوات الحاضرين. وغاب عن المشروع الروسي أي إشارة لما ذكر في دستور 2012 بأنّ "رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء مسؤولون أمام رئيس الجمهورية"، وأنّ للأخير "الحق في إحالة هؤلاء إلى المحاكمة" (المادتين 121 و124).

محاصصة طائفية وقومية 

وتلفت إحدى المواد إلى أنّ تعيين مناصب نواب رئيس مجلس الوزراء والوزراء يكون "تمسّكاً بالتمثيل النسبي لجميع الأطياف الطائفية والقومية لسكان سوريا، وتُحجز بعض المناصب للأقليات القومية والطائفية"، وفي مادة أخرى، تشير إلى أن على رئيس مجلس الوزراء تقديم برنامج عمل الحكومة إلى جمعية المناطق أيضاً.

وتغيير اسم البرلمان

ووفقاً لهذا المشروع يرتكز تنظيم وحدات الادارة المحلية على تطبيق مبدأ "لا مركزية السلطات"،ويبيّن القانون "وضعية حكم الذاتي الثقافي الكردي"، وتتولى "جمعية المناطق" إلى جانب "جمعية الشعب" (تسمية بديلة لمجلس الشعب) السلطة التشريعية في البلاد "أصالة عن الشعب السوري"، وهذه "الجمعية" تُؤسس لـ"تكفيل مشاركة ممثلي الوحدات الإدارية في العمل التشريعي وإدارة البلد"، وتتكون من "ممثلي الوحدات الإدارية"، وينعقد مجلسها على نحو منفرد عن "مجلس الشعب"، ويجوز لها عقد جلسة عامة للانتخاب والاستماع إلى رئيس الوزراء أو رئيس الجمهورية أو قيادات الدول الأجنبية، ولها الحق في وضع نظامها الداخلي.

واستفتاء محلي

التعديلات الروسية أضافت مادة جديدة مفادها أنّه "تستخدم أجهزة الحكم الذاتي الثقافي الكردي ومنظماته اللغتين العربية والكردية كلغتين متساويتين"، كما يحق لكل منطقة وفقاً للقانون أن تستخدم بالإضافة إلى اللغة الرسمية لغة أكثرية السكان إن كان موافقاً عليها في "الاستفتاء المحلي".

إلغاء التقسيم السائد في مجلس الشعب: نصف الأعضاء من فئة العمال والفلاحين

وأضافت التعديلات أيضاً، مجموعة صلاحيات مماثلة ل"جمعية المناطق" إلى جانب "جمعية الشعب" في مسائل عديدة كعدم جواز اللجوء إلى القضاء بحق أي عضو في "الجمعيتين" بسبب "التصويت أو الآراء السياسية التي يبديها"، ولا يجوز توقيف أي عضو أو تفتيشه أو تقديمه إلى العدالة إلا بإذن من جمعيته، وينظم "الدستور الجديد" العلاقة بين المجلسين في مادة واضحة.

إلى ذلك، أعطى المشروع الروسي صلاحيات واضحة وإضافية لـ"مجلس الشعب" مثل تعيين أعضاء المحكمة الدستورية العليا (من صلاحيات الرئيس في الدستور الحالي)، وتعيين رئيس "البنك الوطني" (تغيير اسم البنك المركزي) وإقالته من المنصب. كذلك ألغى المشروع الروسي التقسيم السائد لعضوية مجلس الشعب: نصف الأعضاء من فئة العمال والفلاحين، والنصف الآخر من باقي الفئات.

دور القوات المسلحة والخدمة الالزامية

يشير "المشروع الروسي" إلى أنّ القوات المسلحة "تكون تحت الرقابة من قبل المجتمع ولا تتدخل في مجال المصالح السياسية ولا تؤدي دوراً في عملية انتقال السلطة"، ويحرم تنظيم أعمال عسكرية أو ذات طابع عسكري خارج سلطة الدولة، أما في الدستور الساري، فدور الجيش والقوات المسلحة هو "الدفاع عن سلامة أرض الوطن وسيادته الاقليمية".

وعن الخدمة الالزامية، جاءت في الدستور "الجديد" على نحو فضفاض وعام، بأنّه "يؤدي مواطنو سوريا الخدمة العسكرية وفقاً للقانون"، بعدما كانت وفقاً لدستور 2012 "الخدمة العسكرية الالزامية واجب مقدس وتنظم بقانون".

الاقتصاد 

يجنح "المشروع الروسي" بشكل كبير نحو الاقتصاد الحر، بتأكيد إحدى المواد أن سوريا تُؤمّن "حرية النشاط الاقتصادي وتُعترف بها الملكية الخاصة، وتخلق الدولة على أساس علاقات السوق ظروفاً لتطوير الاقتصاد وتضمن حرية الأعمال، وتضمن حرية تنقل البضائع والرساميل، وأن الموارد الطبيعية يمتلكها الشعب. 

المحكمة الدستورية العليا

المشروع الروسي أضاف 4 أعضاء للمحكمة الدستورية العليا لتؤلف من 11 عضواً "تعيّنهم جمعية المناطق"، بعدما كان يسميهم رئيس الجمهورية بمرسوم .

وفي "الأحكام الانتقالية"، يشير المشروع الروسي إلى أنّه تبقى التشريعات الصادرة سابقاً سارية المفعول إلى أن تعدل بما يتوافق مع أحكام "الدستور الجديد"، على أن يجري التعديل خلال سنة واحدة منذ تبني الدستور.

ويجري انتخابات الترتيب الجديد لـ"جمعية المناطق خلال فترة لا تزيد على سنة منذ تبني الدستور" الجديد، الذي يعد نافذاً بعد اجراء استفتاء عليه.

والجدير بالذكر أنه من المقرر إعداد دستور جديد في سوريا، في شهر آب القادم، وذلك تطبيقاً للتفاهمات المعلنة بين "روسيا وأمريكا"، و بموجب القرار الدولي ٢٢٥٤.

التعليقات (6)

    قاهرالمجوس

    ·منذ 7 سنوات 10 أشهر
    الدين الاسلامي وبس

    سامر

    ·منذ 7 سنوات 10 أشهر
    أمل بليس بالجنة.... غير راس بشار مابدنا نكاية بالاميركان أول الشي والاوربيين والروس والايرانيين

    بيبرس

    ·منذ 7 سنوات 10 أشهر
    برأيي الدستور الروسي جيد, سورية ليست كلها مسلمين بالأصل, و ليس كل السوريين عرباً فإن أردنا العدل و العدالة فلنحكم بالعدل أولاً .. و الأهم, الدين لله.. رأيناهم كيف يخرجون من المصليات لينافقوا و يقتلوا و يقصفوا.. إن كنتم حقاً أصحاب دين و تخافون الخالق, فأرونا في تصرفاتكم, حرية الاعتقاد أصل من أصول القرآن, لا إكراه في الدين ولا تنسوا, لكم دينكم و لي ديني .. الانتداب ليس سيء, على العكس, كثير من الشعوب لا تدري كيف تقود نفسها, فتحتاج لوصاية لتصل بها إلى برّ الأمان و من ثم تترك لها زمام الامر

    احمد

    ·منذ 7 سنوات 10 أشهر
    عشنا وشفنا روسيا تفصل لنا دستورا ونحن نلبسه !!آخر الامم الملتحقة بركب الامم المتمدنة تفصل لنا دستورا وعلينا ان نلبسه هؤلاء الروس الذين لا يستطيعون بيع سيارة خارج حدود سطوتهم يريدون ان يسوقوا لنا دستورا على شاكلتهم ظنا منهم ان الشعب السوري الذي انتج دستورا في العام 1950 متقدما على كثير من دول العالم وبالذات روسيا اليوم وريثة الاتحاد السوفييتي البائد الذي حكم بالحديد والنار اوربا الشرقية وجمهورياته التي انفصلت عنه واقامت دساتيرها الوطنية المناقضة كليا لما فرض عليها .جاي يبيع المي في حارة السقايين

    أحمد منصور

    ·منذ 7 سنوات 10 أشهر
    هل رجعنا للانتداب نحن المسلمون العرب السنة هذا الدستور لايساوي عندنا حذاءا باليا ولا يمكن أن نقبل إلا أن يكون الدستور نابعا من الشعب وممثلا للشعب والأكثرية تحديدا ومن يدعي أنه سوري فليس له إلا احترام الأكثرية ولانقبل إلا أن يكون الإسلام هو مصدر تشريعات الدولة كما هو دين الدولة الرسمي ولايمكن أن نقبل إلا الهوية العربية اإسلامية ومن لم يعجبه ذلك فليذهب حيث يجد هويته

    عاشق سوريا

    ·منذ 7 سنوات 10 أشهر
    سوريا اغلب السكان فيها من المسلمين...السؤال هنا كيف تتحقق العدالة بهضم حق الأغلبية ؟ يا أمة المسلمين اناشدكم بالله بنصرة الشعب السوري ضد روسيا القذرة وخططها الشيطانية والله سيذكر التاريخ كل من وقف ضدنا والله لن ننسى عدونا يا امتي يا اخوتي يا مسلمين حان الوقت كي تقفوا معنا يا اخوتنا العرب نحن الأغلبية في سوريا الم يحين الوقت حتى تقفوا معنا ضد هذا الكيان القذر التي تصنعه روسيا
6

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات