ثورة وجهاد أم كعكة!

ثورة وجهاد أم كعكة!
ألف قتيل، آلاف المعتقلين، ومئات الجرحى، لم يحدث هذا على يد نظام الأسد، بل هو "سوء تفاهم" بين إخوة السلاح، وخلاف على مناطق السيطرة وتجارة المعابر والأنفاق، هو خلاف عابر بين جيش الإسلام وفيلق الرحمن، وسينتهي قريبا، ولكن لا مانع من أن يحصد بضع ألوف من الأرواح الرخيصة، أليس هذا هو ما يريده "القادة وشرعيوهم" في غوطة الشام، التي ظنت لوهلة أنها تحتضن فسطاط المسلمين وخير اجنادهم.

تبت أيدكم، ويد كل من رفع بندقية في وجه أخيه المسلم، أو حتى أشار بها عليه، مر خمس سنين ونيف، لا زلنا نجد من هو مستعد للقتال والموت، جاهلية وعصبية فصائلية او مناطقية، أو من أجل قائد وربما من أجل راتب يدفع له، هي مأساة جديدة تضاف الى سلسلة المآسي التي يكابدها السوريون، أما تذكرون وصية النبي ﷺ لكم في خطبة الوداع عندما قال: "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا هل بلغت"؟!

ما يدمي القلب ليس فقط وجود الجهلة من الشباب المغرر به، فهؤلاء معظمهم حديثو سن، وكثير منهم لا يفقهون الا ما يقال لهم، ما يدمي القلب حقا، هو شراذم المثقفين والشرعيين الذين خاصموا ففجروا، فجيشوا المقاتلين عصبية فصائلية مقيتة، تجد أحدهم يحمل شهادة ماجستير أو دكتوراه في الشريعة أو الفقه، لكنه لم يفقه من الدين الا القشور، ومجموعة أحكام حفظها فجيرها لصالح فصيله.

ما هي الغاية من وجود الشرعيين ودور القضاء ومجالسه؟ أليست ضبط إيقاع الحياة بما يتوافق مع مبادئ الشرع الحنيف، أليس الغرض منها فرض العدل والأمان وإحقاق الحقوق وحفظ حقوق الناس من دم ومال وعرض؟ أليس أحد أهم مهامها الأخذ على يد الظالم؟ فهل حققوا الهدف من وجودهم؟ "لا" لم يحدث فوجودهم كان وبالا على هذه الثورة وشعبها، فلم يعدلوا ولم يمنعوا سفك دم حرام، بل كانوا مطية لفصائلهم وعونا لها في بغيها وظلمها، وأداة في تجييش المجاهدين ودفعهم لسفك الدم الحرام.

لقد كان دور بعض الشرعيين هداماً، خاصة في غوطة الشام، وبعضهم كان له من اسمه نصيب، ككبير شرعيي جيش الاسلام سمير كعكة الذي جاوز اسمه المصادفة، فهم الذين كفروا الناس، وأحلوا سفك الدماء، وأفتوا باغتيال هذا وذاك، من القادة والشرعيين، وحتى أعضاء المجالس المحلية وكل من يخالف توجيهات وأهداف الفصيل الذي يفتون له، أليس "الكعكة" هو من أفتى بكل ما سفك من دماء على يد جيشه؟ وبغض النظر عن كون هذه الدماء سفكت في معارك أو كانت اغتيالات؟ فهل هذا رجل دين؟ أو شرعي يؤخذ بكلامه وفتاويه؟ إنه سبب العلة وبيت الداء، فهو لا يملك من المؤهلات إلا حفظه لبضع أجزاء من القرآن وأحكام الطهارة.

ما حدث في الغوطة كشف عورة قادة هذه الفصائل وجهل شرعييهم، الذين غرروا بألاف من الشباب المجاهد، وزجوا به في معارك مذلة، استنزفت الدم والمال والعتاد، فخسرنا 1000 مقاتل خلال أيام من أجل معارك النفوذ والسيطرة على الأنفاق والمعابر، ألم يكن بإمكان هؤلاء تحرير دمشق؟ نعم، فلو أن هذه الفصائل قد اجتمعت على تحرير دمشق لما خسرنا هذا العدد من شبابنا خلال 3 أيام. فهل هي ضريبة الخنوع والتخاذل والسكوت عن نصرة الزبداني وداريا والمعضمية؟

إن مما يحز في النفس، هو عملية سحب المقاتلين من على الجبهات، هذا التصرف البشع الذي قد يرقى لمستوى الخيانة، حيث نجح الأسد في إعادة احتلال القاطع الجنوبي من الغوطة، ما سمح له أن يغطي على خسائره في خان طومان، فهل كان ما حدث صدفة، أم أنه أمر دبر بليل وجزء من التسوية السياسية؟  

ماهي المكاسب التي حققها قادة الفصائل وشرعيوهم من هذه المجزرة؟ لقد زرعوا العداوة والبغضاء بين الإخوة، وحملوا وزر هدر الدم الحرام الذي سيسألون عنه أمام الله، ليس لوحدهم بل هم وكل من كان بمقدوره وقف هذه المجزرة بحق شبابنا ولم يفعل.

هل هو الإبتلاء بما فينا؟ نسينا أننا إخوة دم وعقيدة ووطن؟ أم هو عقوبة القعود عن قتال عصابة الأسد، وميليشيات إيران الطائفية، فابتلانا الله بقتال بيننا وبأس عظيم؟ هل هي عقوبة نسيان قول الله عزل وجل في سورة الفتح: "مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (29)"

أي نفاق وكذب هذا؟ الذي يجعل بعض الفصائل، تتبارى في إظهار رحمتها وحرصها على الجميع بما فيهم عدوها، بينما هي لا ترقب في مؤمن إِلاً ولا ذمة، انظروا الى الميليشيات الطائفية الشيعية كيف توحدت ضدنا في العراق والشام، هل سمعتم يوما أنها قد فَجَرَت على بعضها أو فعلت ما تفعله فصائلنا الثورية والإسلامية اليوم؟ "لا" لم نسمع، رغم أن قلوب اعدائنا شتى، ويتصارعون على السلطة والمال، لكن سيدهم واحد، ويحرص كل الحرص، على لم شملهم وتوحيد صفهم على عكس بعض المحسوبين علينا من أصدقائنا وإخوتنا العرب.

تابعوا ما يكتبه قادة وشرعيو ومنظرو فصائلنا المتحاربة، وستكتشفون أنهم أشد جهالة من عصابة الأسد وشبيحته، ولابد أنكم ستلاحظون مدى الفجور الذي نطقت به الألسن وخطته الأيدي، ومن يتابع كتاباتهم لابد وأن يحتقر هذا المستوى، الذي وصل اليه البعض منهم. فهل نسينا أن الفجور في الخصام، هو إحدى علامات النفاق وآياته؟

لا تتقاتل الفصائل على السلطة والمال عندما يكون الخروج لله، فتحقيق الهدف أولوية، وما عداه ثانوي لا قيمة له. لكننا بدلنا أوامر الله وقلبناها رأسا على عقب فأصبحنا "أعزة على المؤمنين أذلة على الكافرين"، هل ننسى كيف أنهم قد وصفوا أنفسهم بالمعتدلين، المتورعين في الدماء، واتهموا داعش باستباحة دماء المسلمين، لكنهم وعند أول مناسبة فعلوا في أيام مالم تفعله داعش في سنين.  

لقد وصل الأمر بالبعض حد أن يعمل جاهدا على جمع الأدلة التي تربط خصمه بالقاعدة، وتقديمها للتحالف الدولي، بحيث يمكن من خلالها وضع هذا الفصيل على قائمة الإرهاب، الأمر الذي سيعني استهدافه عسكريا، فهل خطر ببال هؤلاء أن الحاضنة الشعبية من المدنيين الأبرياء، هم من سيدفع ثمن هكذا تصنيف واستهداف؟ إن كانوا يعلمون فتلك مصيبة، وإن كانوا لا يعلمون فإن المصيبة أعظم.

حتى المجلس الإسلامي السوري، كان "مِجَساً" لا مجلساً، رغم كل ما يضمه من مشايخ الشام مسموعي الكلمة، فهو لم يتدخل بشكل فاعل، ولم يسعى لوأد الفتنة ووقف سفك الدم، في غوطة الشام الشرقية، فكان السقوط المدوي والمستمر لمعظم خريجي جامعات ومعاهد الأسد الدينية حتى وإن علا شأنهم.

إنه بريق المال وشهوة السلطة، ما دفع الكثير من قادة الفصائل وشرعييهم، للإرتماء في حضن الداعم وتنفيذ أوامره أيا كانت، طالما أنه يحقق لهم شيئا من أحلامهم الوردية، وما يثير الاشمئزاز هو أن الأجنبي لم يفرض العمالة على أي من هذه الفصائل، لأنه باختصار لم يكن بحاجة الى ذلك، فالمتطوعون كثر، وقد صدق الشاعر العشماوي إذ يقول فيهم:  

إن البصائـر حين تعمـى تقـتـدي ... بيـعوق أو بيغـوث أو بسواع.. وترى غروب الشمس مثل طلوعها ... وتخــوض موج البحر دون شراع.

خلاصة القول: مدننا الثائرة مدمرة ومحاصرة بحصارين، حصار الأسد، وحصار فصائل المعارضة المتناحرة، ولا زلنا في تراجع، رغم أن ما وصل لهذه الفصائل من دعم يكفي لتحرير أكثر من دولة، فمن هو المسؤول عن كل ما يحدث؟

في كل بلدة أو قرية أو مدينة، باتت الفصائل تعتبر نفسها دولة، وما عاد يهمهم ما حدث ويحدث لسورية وشعبها، أما قادة هذه الفصائل فانتقل قسم كبير منهم للإقامة خارج سورية، وتفرغوا للتجارة والأعمال على اختلاف أشكالها وأنواعها، منها ما هو داخلي ومنها ما هو خارجي، فتحولوا من ثوار الى رجال أعمال وسماسرة.

كنا بنظام مستبد واحد فأصبحنا بألف نظام ونظام، كنا بعميل فأصبح لدينا ألف عميل، وكنا بتاجر فأصبح لدينا جيش من التجار الذين يبيعون شعبنا الأوهام، ويتاجرون بدماء وأعراض وقوت السوريين، كنا بحسون واحد فاكتشفنا أن هناك الكثير من أمثاله، فهم وعلى ما يبدو خريجو مدرسة واحدة، ولهذا وجدنا أنهم لا يختلفون عن مشايخ الأسد، الذين برروا له جرائمه بحق السوريين، فترى أن فتواهم نافذة، ومن يخالفهم هو بكل تأكيد داعشي أو عميل لنظام الأسد.

يبرر البعض تخاذلهم وتقاعسهم عن نقل المعركة الى أرض العدو بقلة الدعم تارة، ووجود خطوط حمراء تارة أخرى، ويتناسون أن شعبنا يوم ثار لم يأخذ إذناً من الشرق أو الغرب، ولا يوجد دولة واحدة نالت حريتها واستقلالها بدعم غربي الا أن يكون احتلالا وتبعية، وواهم كل من يعول على الغرب في الإنتصار على الأسد.

تخيلوا لو أن محمد ﷺ لم يقاتل مشركي الجزيرة العربية الا بعد تلقي الدعم من روما أو المدائن؟

لقد نجح أعدائنا في توسيد الأمر للفاسدين منا، وقد بات لزاماً على المجاهدين الصادقين، أن يثوروا على هؤلاء، وألا يسمحوا لهم باستخدامهم أدوات رخيصة، وما لا يعلمه هؤلاء الفاسدين هو أن هناك الآلاف ممن هم مستعدون للثورة على أمراء الحرب المتخاذلين، وشرعييهم القتلة، ولا يحتاجون إلا الى لفتة من شرفاء هذه الأمة تأخذ بيدهم وترعاهم، فحال أهل الشام لن ينصلح، ولن يسقط السفاح، إلا بسقوط الخونة والعملاء، ﻷنهم إن لم يسقطوا أفنوا الناس وبقي اﻷسد.

التعليقات (9)

    الهاشمي

    ·منذ 7 سنوات 11 شهر
    هذا الكاتب يقلب الحق باطلا والباطل حقا! فما كتبه جميل ولكنه ينطبق انطباقا حرفيا على تجمع الفسطاط وفيلق الرحمن وشرعييهم لا على جيش الإسلام وشرعيه. وأمامكم النت انظروا في موقع الشيخ عبد الرحمن كعكة وما قاله وانظروا في مواقع طفور وشرعيي الفسطاط والفيلق تكتشفوا مصداق ما أقول. هذا الكاتب يعتمد على ترويج الأباطيل التي راجت ضد جيش الإسلام دون دليل لمرض في نفسه، ويترك الحقائق التي ثبتت على خصومهم بالأدلة. وأتحداه أن يثبت بالتفصيل دعاواه الباطلة. اللهم اجعله عبرة إذا كان كاذبا في كلامه.

    ابن الشام

    ·منذ 7 سنوات 11 شهر
    أين عقل المجاهدين الى متى هذا الانجرار وراء بعض القادة ممن تسيرهم مصالحهم الشخصية و مصالح الدولة الممولة . استيقظوا الأسد هو عدونا و ليس الأخوة

    عبد الله

    ·منذ 7 سنوات 11 شهر
    "..ولا يحتاجون إلا الى لفتة من شرفاء هذه الأمة تأخذ بيدهم وترعاهم..". صدقت ولكن! أين هم هؤلاء الشرفاء؟ هل بقي أصلا شريف واحد في هذه الامة خارج سجون طواغيتها او خلف الحدود؟ أشك في ذلك!! كل من تجرأ وفكر، نعم فقط فكر! ان يكون من الشرفاء الذين تقصد، اجتمع عليه طواغيت الشرق والغرب، بأساطيلهم ومساطيلهم، او سمهم شرعييهم وفقهائهم، فوسموه ارهابيا تكفيريا خارجيا وكل ما تشاء، فصفق لهم الرعاع ثم تعجبوا من تأخر النصر!!! ليخبرني أي كان بربكم بماذا نستنصر ربنا؟ وهل أخلصنا له النية والعمل لينصرنا؟

    سهى

    ·منذ 7 سنوات 11 شهر
    سلمت يمينك كم نحتاج الى مثل جرأتك لفضح من يلبسون عباءة الدين و يفتون بقتل اخوتهم تاركين عدوهم يحتل اراضيهم

    مجنون

    ·منذ 7 سنوات 11 شهر
    صدقت والله في كل كلمه حان الان موعد التخلص من الحساسيين والبشارات لقد علمت ان احدهم وهو سكير زاني كثير الكفر قد اصبح في الهيئه الشرعيه ومثله كثير امر مضحك وشر البليه ما يضحك هناك مشكله ان الثوار الشرفاء بحاجه لقائد شريف وايضا لا يقدرون على الخيانه والعب بطريقه الخونه واذا ثاروا اتهموا بالخيانه اين الحل سوريا تموت بمن فيها واصبحت كالجثه والضباع تتناهشها وهي تنازع استحلفك بالله ان تجد الحل وتعمل عليه مهما كانت تضحيتك كبيره في سبيله

    القوي بالله

    ·منذ 7 سنوات 11 شهر
    كل الفصائل أسوأ من بعضهم ولا يستثنى احد. غايتهم الدرهم والدينار والجاه والسلطة. يا حيف والشعب ما حدا داري عنه. ستفشل ثورتنا اذا بقينا هكذا نضرب رقاب بعض . يجب القضاء على كل القادة الفاشلين

    مجنون

    ·منذ 7 سنوات 11 شهر
    الشرفاء موجودون واكثر مما تتخيل مثل كاتب المقال وغيره

    عواد

    ·منذ 7 سنوات 11 شهر
    اخي الحبيب الكل يعلم ان جيش الافلام وزهران هم تابعين لداعميهم في الخليج وان ما يهم الخليج هو تنفيذ اومر اميركا لولا زهران لتم تحرير دمشق لقد قاتل جيش الامه الذي حرر دوما وفضا عليه وقاتل النصره وطردها من الغوطه و يلدا وو والان فيلق الرحمن وكلنا شاهد المظاهرات في الغوطه ضد جيش الافلام لوذا لا نشير للخاإن بالبنان

    عواد

    ·منذ 7 سنوات 11 شهر
    اخي الحبيب الكل يعلم ان جيش الافلام وزهران هم تابعين لداعميهم في الخليج وان ما يهم الخليج هو تنفيذ اومر اميركا لولا زهران لتم تحرير دمشق لقد قاتل جيش الامه الذي حرر دوما وفضا عليه وقاتل النصره وطردها من الغوطه و يلدا وو والان فيلق الرحمن وكلنا شاهد المظاهرات في الغوطه ضد جيش الافلام لوذا لا نشير للخاإن بالبنان
9

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات