جولي ليست قديسة!
آخر هذه الهجمات شنتها صحفية الديلي تلغراف البريطانية ضد النجمة أنجلينا جولي التي وجهت خطاباً عبر قناة الـ بي بي سي دعت فيه دول الاتحاد الأوربي للتكاتف من أجل استقبال اللاجئين.
من يستمع للخطاب الذي ألقته أنجلينا جولي لا يجد فيه تعاطفاً مجّانياً، فهي أيضاً تتحدث من منطلق مصلحة دول الاتحاد الأوروبي، ولكن وفق رؤية أوسع من فكرة حماية النفس عبر تسييجها وزيادة علو السياج بالقدر الذي ترتفع معه حدة الشعور بالخطر دونما أدنى التفاتة واعية إلى معالجة أو تخفيف الأسباب المؤدّية لموجة الهجرة.
قالت انجلينا جولي أن: "عدم اتخاذ موقف، وعدم تنسيق الجهود، التي تعالج الأسباب الحقيقية للأزمة، سوف يؤدّي إلى مزيد من النزوح، ومزيد من الأشخاص على حدود أوروبا، وفي مناطق أخرى" .
وعبرت جولي عن معارضتها لإغلاق الحدود في وجه اللاجئين، من منطلق تفكير منطقي، لم يغلب عليه الحسُّ بالخوف المرضي الذي دعا "أليسون بيرسون"، كاتبة المقال، إلى التهكُّم ووصف انجلينا جولي بالقديسة .
وكأنه ينبغي ألّا ينظر أحدٌ إلى أزمة إنسانية بهذا الحجم نظرةَ من يعيش على كوكب واحدٍ مع مَن يعانون منها إلّا إذا كان في مصاف القديسين؟!!!
جولي لم تتحدث كقديسة بل تحدثت من موقعها كمبعوثة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وتحدثت كإنسانة عادية زارت وعاينت محنة اللاجئين في مخيماتهم في تركيا ولبنان والأردن.
وكإنسانة لها وجهة نظر في جدوى إغلاق الحدود في وجه اللاجئين ومدى نجاعة ذلك في تحقيق الآمان لأوروبا، وقد شبّهت ذلك بجدوى إغلاق الأبواب إن كانت النيران تشتعل في بيت الجيران، هي وجهة نظر لا يريد أصحاب الأبواب الموصدة في وجه من يحترق في الخارج أن يستمع لها.
طلبات هستيرية
ألزمت الصحيفة النجمة جولي بخيارين بدءاً من عنوان المادة وهما إما أن تفتح أبواب بيتها للاجئين أو أن تخرس ، بعد عنوان كهذا لا يستغرب القارئ من مضمون مادة لا تستحق أن تصنف تحت اي نوع من أنواع الكتابة الصحفية لافتقارها لأدنى شروط المهنية والموضوعية مثل أن تقوم أليسون بيرسون بتعداد ما تملكه نجمة هوليود من عقارات وممتلكات وبكم يقدر ثمنها .
و أن تطلب من انجلينا على نحو هيستري باستقبال العائلات السورية اللاجئة في غرف قصرها البالغ عددها بحسب المقال خمسة وثلاثين غرفة ، وتسهب حتى في إحصاء ما تكمله جولي من أثاث .
وبناءً على اتهامات ( قرقوشية ) كهذه فجولي لا يحق لها مطالبة دول الاتحاد الأوربي البالغ عدد سكانه 500 مليون نسمة بالتكاتف من أجل تحمل مسؤولياته الدولية تجاه اللاجئين، و مطالبة بريطانيا التي لم توافق حتى الآن إلا على استقبال عشرين ألف لاجئ و على دفعات من مخميات اللجوء ، بعد سلسلة من المقابلات مع لجان خاصة تبتعثهم بريطانيا لمعاينة اللاجئين في مخيماتهم فتمنح القلائل منهم ذوي الحاجة الإنسانية الملحة التي تقدرها اللجان شرف اللجوء إلى أرض المملكة .
فقط المسيحيين !
ليأتي اللاجئ المحظوظ إلى بلده المضيف بعد أن تكون الديلي تلغراف قد فندت تكلفة استقباله بالجنية الاستيرليني قبل أن تطأ قدمه أرض المملكة وذلك بحسب مقال نشرته الصحيفة العام الماضي حيث قدرت كلفة كل لاجئ ب24 ألف جنية سنوياً وأبدت تخوفها من وصول التكلفة إلى مئات ملايين الجنيهات الاسترلينية التي ستنفق على اللاجئين من جيوب دافع الضرائب البريطاني.
بينما يخرج صحفي آخر يدعى "جورج كاري" ويطالب بلاده باستقبال اللاجئين السوريين المسيحيين فقط في كنائس بريطانيا هؤلاء الذين لم ينزحوا إلى المخيمات بل اضطروا للاختباء في بيوتهم ضمن سوريا تحت وطأة الحرب والاضطهاد على حد تعبير الكاتب، وهكذا لتستمر معزوفات صحفيي الديلي تلغراف على الأوتار هواجس الشارع البريطاني.
ولتضيق مع اشتداد المحنة الإنسانية للاجئين مساحات الديلي تلغراف على الآراء والدعوات المغايرة لطردهم والعزوف عن قضيتهم ... بشكل مواز تماماً لضحالة حلول السياسيين بتوفير حيز جغرافي آمن يأوي إليه اللاجئين ... في حين يمعن الخائفون والمخوفوّن أمثال كاتبة المقال إلى إقصاء الآراء الآخرى طلباً لآمان زائف.
التعليقات (2)