أن يكون شكل الدولة "ديمقراطية لا طائفية"، وعلى أساس "اللامركزية في توزيع السلطات بين المركز والأطراف، ضمن وحدة الأراضي السورية"، وأيضاً "فصل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية وضمان استقلال القضاء"، على أن "يضمن الدستور حقوقا قومية متساوية لكل المكونات القومية التي تشكل الشعب السوري"، بالإضافة إلى أن" الشعب السوري ذو تنوع قومي وديني وثقافي متوافق على العمل من أجل المصلحة العامة".
127 شخصية سورية
دُعِيَّ إلى الاجتماع خليط "غير متجانس" من 127 شخصية سورية، كما وصفهم المصدر، لكن معظمهم رفض الدعوة ولم يحضر سوى 24 شخصية، منها مندوبون عن قوات سورية الديموقراطية والإدارة الذاتية إضافة للسيد حواس سعدون ممثل المجلس الوطني الكردي ، ومندوب عن الإئتلاف الوطني متمثلا بالدكتور أحمد طعمة رئيس الحكومة المؤقتة ، ومجدولين حسن مندوبة عن المجلس الاستشاري للمرأة السوية، وعارف دليلة نائب المنسق العام لهيئة التنسيق، ورياض درار، وبسام إسحق، وشيروان حسن.
بالإضافة إلى العديد من الشخصيات الأخرى كأحمد ميرو عضو مجلس الشعب الذي خرج من سوريا مؤخرا بعد انقضاء فترة ولايته، وزاهر سعد الدين رئيس حزب التنمية المرخص لدى نظام الأسد، والمدرج ضمن لوائح الجبهة التقدمية بشكلها الجديد، بالإضافة إلى أحمد قابيل وهم الثلاثة من منظمي مؤتمر قرطبة، وقد أسسوا بعد ذلك مايعرف بالـ "الجمعية الوطنية"، كما دعي قدري جميل لكنه لم يلبي الدعوة ورفض الحضور، وأيضاً تم الإتصال مع فريق ديمستورا لدعوتهم إلى الحضور، ولم يتم الرد على الدعوة لا بالرفض ولا بالقبول ولم يحضر أي أحد من هذا الفريق.
ومن جهته أكد (رياض درار) على صفحته الشخصية في موقع فيس بوك أنه " هذا أول مؤتمر يلتقي فيه السوريون ولا يخرجون بتصريحات متناقضة وكان محل اجراءات الثقة بين متعددي التوجهات .. ولانستطيع إرضاء الجميع فالأنبياء لم تستطع جمع الناس على فكرة ومازالوا مختلفين، ونعتقد بإمكانية الدعوة للقاء أوسع قريبا يشارك فيه طيف أوسع ويناقش المحددات باستفاضة أشمل"
لكن الواقع أكد عكس ذلك، حيث توالت الانسحابات من الاجتماع، والبيانات المنددة والرافضة لمفرزاته، كما أثار الاجتماع موجة انتقادات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، وصلت إلى حد التخوين والتشكيك بالهوية الوطنية للمشاركين، ومن يقف خلفهم من دول.
مصادر خاصة
أكد مصدر متطلع لأورينت نت فضل عدم ذكر اسمه أن الاجتماع نظمه (فيلي لانكتالا و ليو غابرييل) تحت غطاء "منظمة المبادرة العالمية للسلام"، وهما شخصيتان نمساويتان يساريتان معروفتان بفكرهم الشيوعي ومعروفتان أيضاً باقتناعهم بنظرية المؤامرة الكونية التي تحاك ضد سوريا، تدعمهم إيران ماًديا ويتبعون سياسياً وفكرياً لموسكو ومقربين من الأحزاب والشخصيات اليسارية في أوروبا وأمريكا اللاتينية الذين دعموا الاجتماع ماديا، وكان من المتوقع حضور ممثلين عن الخارجية المكسيكية لكن هذا الأمر لم يحصل، كما ينشط (فيلي وليو) في الفعاليات الداعمة للقضية الفلسطينة والمناهضة للاحتلال الصهيوني على خطى المقاومية والممانعة بخد وصف المصدر.
الفكرة بحسب المصدر لم تكن وليدة المرحلة الراهنة، بل كان يُحضر لها منذ سنتين حيث جرى إجتماع مشابه بنفس المكان، كُلف من خلاله بروفيسور نمساوي بوضع مسودة دستور لسوريا، يشابه بالشكل مواد الدساتير الأوروبية، بالتشديد على ضرورة جعل شكل الدولة فدرالي لامركزي تمهيداً لمحاصصات سياسية وجغرافية لإرضاء بعض الأطراف، كالطرف الكردي وإقناعه بالمشاركة في هذه المبادرة، ثم جرى العام الماضي إجتماع آخر في فيينا هذه المرة، تبلورت من خلاله الأفكار والشخصيات الجدلية التي دُعيت إلى الإجتماع الثالث.
وسيعقد باليومين القادمين اجتماع آخر لاستكمال التحضيرات اللازمة لعقد مؤتمر موسع في العاصمة اليونانية أثينا في الأسابيع المقبلة، حيث سينكشف النقاب عن النتائج الفعلية لهذه اللقاءات الشكلية بحسب وصف المصدر.
إنسحابات تكتيكية
ساد الاجتماع جو من الاحتقان انتهى بانسحابات عديدة قبيل وضع الخطوط العريضة للبيان الختامي، كان أبرز المنسحبين الدكتورة سميرة مبيض، جاء ذلك بعد أن تفاجأت بمستوى بعض الحضور ومن يمثلونهم وقد نشرت بياناٌ وضحت فيه موقفها وقد جاء فيه " تمت دعوتي الى مؤتمر تشاوري حول بعض قضايا الدستور السوري في فيينا، مبادرة اللقاء بحد ذاته والتي وافقت عليها لا تحمل اي لغط فهي عبارة عن تشاورات و توصيات حول مستقبل الدستور السوري.
لكن اللغط يكمن بانتماءات المشاركين التي لم يتم إعلامنا بها سابقاً، حيث يعتبر اللقاء تسويقا و تعويماً لحزب ب ي د و بناء على رؤيتي هذه و بعد الجريمة ضد الانسانية التي قام بها هذا الحزب ضد السوريين في منطقة عفرين فقد انسحبت من هذا اللقاء و رفضت التوقيع على اي عقد اجتماعي او وثيقة بالمشاركة مع من يحملون هذا التوجه الارهابي الذي لا يختلف بالفكر و المضمون عن توجه داعش و النظام فالسلام الحقيقي يبدأ بتفكيك هذا الفكر المتطرف تحت كل مسمياته".
السبب ذاته دفع المحامي عيسى إبراهيم ليعلن انسحابه، وقد حذر على حسابه الشخصي في موقع تويتر من نتائج المؤتمر قائلاً "ما نتج عن المؤتمر واضح فيه صراع بين ارادات المجتمعين من جهة مع الارادة المُسبقة للجهة الداعية وكذلك ارادات المجتمعين، بما يمثل كل منهم لتوجه مختلف، ولذلك نرى أن البيان جاء مُلفقاً، المقصود المعنى اللغوي للمصطلح لا المعنى التفاضلي الأخلاقي، أي هو تجميع لآراء غير منسجمة لا يمكن بناء مشترك بينها بهذه الطريقة اللغوية الجميلة في ايجاد الحل، وهي لغة متناقضة بالمعنى الحقوقي والأمثلة كثيرة في البيان حول هذه النقطة . وأخشى البناء من قبل جهات ما ذات صلة على مُعطيات هذا المؤتمر"
ردّات فعل
كبير المفاوضين محمد علوش قال على صفحته بموقع فيس بوك: "لا يحق لأحد مناقشة دستور سوريا بمنأى عن شعبها المشرد والمنكل به وتحت وقع القصف والقتل والحصار، وقبل تحريره من الاحتلال، ولذلك لا قيمة لما يتم مناقشته، ولا يمكن لأحد أن يضع محددات وتوصيات تخص دستور الشعب السوري الغارق بدمائه منذ خمسة أعوام، لا سيما في الأيام الأخيرة الماضية.. كما رأى الجميع ما يحدث في حلب"
وانتقد ناشطون كثر منهم مختصون بالقانون هذه الخطوة التي وصفوها بالعبثية، وشككوا بقانونية صاغة دستور من قبل ثلة من الأشخاص، المشكوك بنواياهم، في دهاليز دولة أوروبية وفرضه على الشعب السوري، واعتبره أخرون إلتفاف على العملية السياسية واستغلال الشغب الغارق بدمائه لصياغة دستور لايخدم سوى تطلعات واشمطن وموسكو التقسيمية في المنطقة.
التعليقات (3)