هنا حلب.. التي تحترق وتباد!

 هنا حلب.. التي تحترق وتباد!
امتلأ فيس بوك بالمربع الأحمر.. المعارضة تصرخ حلب تحترق، والمؤيدون يصرخون حلب تباد.. والكل اتفق على رمي الوشاح الأحمر فوق جثة حلب النازفة. ولا أحد يريد أن يوقف القتل أو الإبادة أو القصف، فكلّ الأطراف على حق.. والدم يسيل.

حلب التي اشتهرت عبر التاريخ بحضارتها، والتي كانت قبلة الفنانين والكتاب، أفرغت من محتواها الثقافي خلال السنوات الخمس الماضية من عمر الثورة _إلاّ ما ندر_ وبقي فيها أنصاف المثقفين المؤيدين للنظام السوري. والذين شغلوا الإعلام خلال السنوات الماضية ولم يكن أحدٌ قد سمع بهم قبل الثورة. والنماذج أكثر من أن تحصى أبرزها في الآونة الأخيرة كان مراسل الفضائية السورية شادي حلوة الذي قذفه أحد الأحرار بفردة "شحاطته" في بداية الثورة وهو ينقل بثاً مفبركاً وكاذباً عما يجري في حلب، شادي تلميذ كنانة علوش _كما ادّعت_ في اتصال بالتلفزيون السوري وهي تشرح سبب شتمها له وضربه لها في وصلة ردح انتقلت كما قالت إلى القضاء.. شادي خريج المدرسة المخابراتية السورية. 

شادي الذي أضاعته فيروز يوماً، ظهر أنّه يلعب على مزبلة بيت الأسد ولم يجد من ينتشله من تلك القذارة.. مع أنّ ثنائية شادي وفيروز ليست غريبة أبداً بعد الإشاعات التي أثيرت مؤخراً عن علاقة فيروز بنظام الأسد فترة احتلاله للبنان، وربّما يكون النظام السوري قد اختطف شادي، وتركه صغيراً كما ظنّت فيروز، لكنّه لم يكن يلعب بالثلج، بل كان يخضع لجلسات إعداد "عقائدي" تجعله عديم الضمير والأخلاق، وتصنع منه شخصاً قميئاً بكلِّ المقاييس، وتعدّه ليصبح قاتلاً أو في أسوأ الأحوال محرضاً وداعماً ومروّجاً للقتل والقتلة. شادي هو نفسه يخرج الآن لينقل على شاشة التلفزيون السوري على الهواء مباشرة صور القتلى والجرحى ويتهم الإرهابيين بقتلهم. مباشرة من حلب.

ومباشرة من حلب تظهر "معلمته" مراسلة قناة الدنيا كنانة علوش التي تصورت سيلفي مع جثث المدنيين والتي وجّهت رسالة لعبد الحكيم قطيفان تهدده بالقتل باعتباره إرهابياً!

والإرهابي بنظر إعلام النظام هو كلّ شخص يفكر، كلّ شخص لا يؤله الأسد، وكلّ شخص حر، ومباشرة من ريف حلب تظهر صور المقاتلين الأكراد يأخذون سيلفي مع جثث العرب المحمّلة على الشاحنات..

ويكتب حليم يوسف "الكاتب والمثقف الكردي" تعليقاً على استعراض جثث القتلى على ناقلة مدرعات في شوارع عفرين: عن جثث الحيوانات النافقة لم أحزن، لم ينتابني القرف، لم أشعر بالعار، كما لم أفرح، ولم تستيقظ في داخلي أخلاقيات الفرسان.

يتساوى ما تقوم به القوات الكردية مع ما تفعله داعش من تلذذ بمنظر الجثث وتصوير لما تقوم به من أفعال غير إنسانية. كما يتساوى الفعل الذي قامت به كنانة علوش مع أفعال المجندات الأمريكيات في سجن أبو غريب، تلك السادية المفرطة وانعدام الأخلاق وموت الضمير كلّها تنتمي إلى ثقافة واحدة، ثقافة القتل التي توحد بين أناس لا ينتمون إلى البشر إلاّ بطبيعتهم الفيزيولوجية.

ومن حلب، تغني مطربتها "ميادة بسيليس" من كلمات وألحان سمير كويفاتية، ومن إنتاج شركة رامي مخلوف "سيريا تيل ("حلب" مشتاقة أنا اغمر كلّ حجار اللي فيكِ وعمّرها من جديد"!) وكما يرى الكاتب والملحن والمطربة حلب الموجوعة من وجهة نظر المؤيدين، وأنها تباد من أطراف غريبة وغير مرئية وكأنّ كائنات فضائية جاءت من عالم آخر لتبيد حلب، هناك من لا يريد أيضاً رؤية الحقيقة ويرفض أن يعترف بضلوع النظام بتدمير حلب أو قصفها، فقد ظهرت الفنانة رغدة على إحدى الفضائيات وقالت: "لم تقم طائرة سورية واحدة ضدّ حلب، والموجودون في حلب حالياً ليسوا من أهلها".

 إذا لم يكن هناك من أهل حلب أحد فيها فمن أين جاء هؤلاء الذين يسكنونها؟ لم تحدد رغدة جنسية السكّان الذين تقصفهم الصحون الطائرة ما دام النظام بريئاً من قصفهم وبالتالي يمكن القول أن حلفاءه بريئون براءة الذئب من دم يوسف. لكن صوتاً من أصوات النظام والمتعصبين له كتب ما يكذّب ادّعاءات رغدة، وذلك لعدم وجود تنسيق بين الموالين واعتمادهم سياسة واحدة تجاه ما يجري. الشبيح أحمد شلاش كتب على صفحته في الفيس بوك متشفياً: "حلب أم المشاوي والكبب.. شفنا المشاوي ضل الكبب، ماني دموي بس اللي بيوقف بوجه الرئيس بشار والجيش السوري هيك مصيرو ع المشوايا يا خيو".

في الثمانينات من القرن الماضي كنّا نغني بحماس مع مارسيل خليفة "بالأحمر كفّناه" ولم نكن نتصور اللون الأحمر سوى لون العلم على الرغم من رجوع كثر من أصدقائنا الشباب الذين التحقوا بالمقاومة الفلسطينية في بيروت "في توابيت" مع هذا كنا نرى الأحمر لون العلم وليس لون الدماء.. فقد كان للشهادة معنى مختلفاً وملتبساً أقرب إلى الإحساس بالفخر منه إلى الحزن، في ذلك الوقت كانت حلب سيدة المدن، ولم نكن نرى الدم في شوارعها.. ولم نتخيّل أن يأتي اليوم الذي يطغى فيه لون الدم.. ويفقد الكفن ألوان العلم.

التعليقات (3)

    abo saad

    ·منذ 7 سنوات 11 شهر
    just thabat until triumph

    عبد

    ·منذ 7 سنوات 11 شهر
    هم يحملون اسم الكردي ظلما وبهتانا وعلى العكس فهم ينفذون حرب بشار على الاكراد ولكن بطريقة اخرى فهاهم الاكراد قد هاجرو ديارهم ومن بقي منهم في ديارهم فهم جائعون وكالنعاج التي تحلب..من قبل النظام هم يطبقون المبدأ الايراني الذي لا يميز السنة من العرق واللغة واللون ولكن دعك من ذلك الاهم اين هم العرب من نصرة اخوانهم في حلب..اين شعب الكنانة...اين هم شعب الخليج الذي طالما يصدر شيوخ الدين...ماذا عمل شيوخ دين الخليج غير التغريدات على حسابهم..على التويتروالفيس

    سيف الاسلام أندونوسي

    ·منذ 7 سنوات 11 شهر
    أفضل الجهاد في الإسلام عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، أَنَّهَا قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللهِ نَرَى الْجِهَادَ أَفْضَلَ الْعَمَلِ أَفَلاَ نُجَاهِدُ قَالَ : لاَ ولَكِنَّ أَفْضَلَ الْجِهَادِ حَجٌّ مَبْرُورٌ. السنة النبوية المطهرة بخاري صحيح 1520
3

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات