عصافير لاتطير

عصافير  لاتطير
قصة قصيرة :

بينما أنا جالس أكتب بعض الخواطر .. مستغلا الضوء الساقط على الورقة من الشباك المرتفع .. لان التيار الكهربائي كان مقطوعا ورغم اننا في منتصف النهار.. الا ان الشقة تبدو شبه مظلمة ... سمعت أغنية أعجبتي وبصوت طفولي ..رغم أني لم أفهم منها ولا حرفا واحدا .. فدفعني الفضول لأرى صا حب الصوت الشجي .. فتحت باب الشقة فرأيته كان يهم بصعود السلم فتوقف .. طفل صغير لا يتجاوز عمره ثلاث سنوات .. يحمل بيده رغيفا يقطع منه قطعا صغيرة فيأكلها وهو يمشي ويغني .. عندما احس بباب الشقة قد فتح توقف بوضع جانبي .. وادار رأسه ببطئ وبمستوى نظره هو .. بدا ينظر الى ساقي.. ولم يرفع رأسه ليرى من هذا الواقف .. وظل صامتا ... عندها بركت أنا لأكون بمستواه أو أعلى قليلا .. ممدت يدي اليه مصافحا .. فتبسم .. ورفع يده الى اعلى ونزل بها بكل قوته على كفي .. كسلام الرجال ...ثم اكمل صعوده وعاد الى اغنيته وأكل الرغيف .. وكأن شيئا لم يكن .. في المساء رأيت طفل الجيران فناديته واعطيته عصفورا ورقيا كنت قد صنعته في وقت سابق .. فرح طفل الجير ان .. بعد لحظات .. نزل وطرق الباب .. قال ( عمو .. ما تآخزنا .. بدنا كمان عصفور  . لأخي ) صنعت عصفورا آخر واعطيته له .. وبعد قليل نزل ابن الجيران ومعه اخوه وثلاثه من اقربائه قادمين من حي التضامن .. بسبب القصف ) ومعهم الطفل الصغير صاحب الرغيف .. قال ( عمو .. ما تآخزنا ... غلبناك .. بدنا كما عصافير  للباقين ) صعنت عصافيرا آخرى فأصبح المجموع .. خمسة عصافير ... شكروني .. فقلت لهم مداعبا .. إحذروا أن تطير العصافير ... قالوا لا  يا عمو ..( رح نخبيها ).. في عصر اليوم التالي خرج الاطفال الخمسة ومعهم عصافيرهم ليلعبوا في الحارة ... في هذه الاثناء بدأ قصف شديد ومستمر ... ذعر الاطفال .. وبدأوا يصرخون بحرقة وعادوا راكضين ومستمرين بالصراخ ... فسمعت أن شيئاً قد إصطدم بباب شقتي .. خرجت لأرى ما يحدث .. فوجدت ذلك الطفل الصغير الذي اصطدم بباب الشقة .. لأنه لم يستطع الهرب مع رفاقه الذين فروا مذعورين ... أحزنني منظر ذلك الطفل .. فضممته بين ذراعي .. وقلت له .. لا تخف أنت في أمان ... عندها انتبه الطفل وكأنه كان في غيبوبة فإنتبه ... وبدأ يتفحصني .. وينظر الي ... أبقيته معي .. بعد لحظات نزل باقي الاطفال .. ليأخذوا رفيقهم ... فسألتهم ما أخبار العصافير ... فقالوا هربت العصافير عند سماعها القصف .. والحقيقة أنهم تركوها في مكان لعبهم بسبب خوفهم ... فقلت الم أحذركم من ان تطير العصافير .. قالوا خافت من القصف وهربت .. فقلت لهم لا تقلقوا .. سأصنع لكم عصافير لا تطير .. قالوا نعم .. اصنع لنا عصافيرا لا تطير ولا تهرب من القصف .... فصنعت لهم خمسة عصافير أخرى ... لكنها لا تطير .. ولا تهرب عند سماعها القصف ... بل تبقى معهم لتواسيهم على مأساتهم . . . .

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات