جريمة النخاسة.. بعيدة عن نساء جنيف وائتلافنا

جريمة النخاسة.. بعيدة عن نساء جنيف وائتلافنا
"اعميل حالك ميت"، التعبير الأدق عن تشكيلات "المعارضة" السورية السياسية، فيما يخص الجريمة الأبشع بحق فتيات سوريات في لبنان، فأن يصمت النظام عن ذلك فهذا أمر طبيعي، ولكن صمت مؤسسات من المفترض أنها تمثل الثورة والشعب السوري هو المستغرب.

جريمة جونية، المصنفة قانونياً واجتماعياً باسم "النخاسة والاتجار بالبشر"، لا تزال تشغل الراي العام اللبناني، والإعلام اللبناني، والنشطاء اللبنانيين، وهي ذات الجريمة التي لم نرى كسوريين أي فعل حقيقي من جانب سوري رسمي، علينا أن نقتنع أننا يتامى لأن نساء السياسيين بعيدات عن كل أذى، ونساء المجتمع المدني السوري ينشغلن بالتمكين السياسي للمرأة تارة، وبالاحتجاج والصراخ على ضعف تمثيل المرأة بالمفاوضات تارة أخرى.

جريمة من هذا العيار مستمرة منذ سنوات، دون أن تلقي قوى الأمن القبض على مجرميها، تعني بالضرورة وجودة غطاء سياسي وأمني لها، وهذا يعني إمكانية تمييع القضية، ويعني أن المواجهة ستكون صعبة، وبحاجة لحشد رأي عام ومتابعة اعلامية حثيثة لمتابعة مجريات التحقيق، فأين الإئتلاف من ذلك؟ هل حاول التواصل مع تلك الفتيات؟  الأسئلة كثيرة ولكن، سنكتفي بسؤال الإئتلاف وأعضاؤه "المنورين عالشاشات" هل أنتم فعلاً مهتمون بهذه القضية؟ بالأحرى هل ستهتمون أم أنكم تنتظرون الأوامر لكي تبدأوا بالاهتمام ؟.

تتصفح صفحات ناشطات لبنانيات، فتراها مكتظة بدعوات للاجتماع والتداول بشأن الجريمة، واتفاقات على وقفات تضامنية مع ضحايا الجريمة، الجريمة التي وصل عدد ضحايا إلى 75 فتاة معظمهن سوريات، تلقين كل أنواع التعذيب والضرب والصلب لممارسة الدعارة.

وعدا عن تلك الدعوات تداعت منظمات وجمعيات حقوقية لبنانية للإبقاء على الملف مفتوحاً والوقوف في وجه التعتيم عليه، وبدأ سباق المحطات التلفزيونية اللبنانية للحصول على الأخبار الحصرية، ومناقشة الوضع القانوني للجريمة وللمجرمين وللضحايا.

وفي مقابل التحرك اللبناني يبدو التحرك السوري باهتاً رغم أن النساء السوريات اللواتي يقدمن أنفسهن كمهتمات بالمرأة السورية وحقوقها وتمكينها ومساعدتها، المطالبات بحريتها الاجتماعية والسياسية، أصبح عددهن أكثر من أن يتم حفظ أسمائهن وأماكن نشاطاتهن، عدا عن المعارضة السياسية ممثلة بالائتلاف لاتزال صامتة دون رد فعل أو تعليق واضح.

ونتساءل هنا عن فائدة وجود مستشارات لديمستورا، ومستشارات لهيئة التفاوض، تعقدن مؤتمرات صحافية، تتحدثن باسم السوريات، تتواصلن مع الأمم المتحدة والمسؤولين الغربيين بيسر أكثر من أي امرأة سورية أخرى، نتساءل عن المعنى الحقيقي لاحتلالهن الواجهة النسائية إن لم تحركهن جريمة كالتي نتحدث عنها، هل حقا لا تستطيع تلك السيدات تكريس بعض القلب لسماع شهادات الفتيات المغتصبات المعنفات المعذبات، أو أنهم لا يستطعن الاتفاق على حملة إعلامية حقيقية في الإعلام الغربي لفضح ما حدث، ولمساعدة الفتيات الضحايا، وربما أضعف الإيمان أن تقتنعن أن تلك الفتيات هن السوريات الأحق باللجوء، فتحاولن مساعدتهن في هذا الأمر، وكي لا تخرج علينا سيدة من جنيف محتجة مبررة بأنهن يعملن في الخفاء، فإننا كلنا نعرف أي زيارة لأي واحدة منهن لمخيم لجوء يسبقه تحضير إعلامي وقح.

استنفذ السوريون وسائل التعبير عن الغضب والقهر والحزن على صفحات التواصل الاجتماعي، وحاول صحفيون التواصل مع وسائل إعلام غربية بخصوص الجريمة وتبعاتها، وبقيت معارضتهم السياسية واقفة في مكانها كأنها غير معنية بما حدث، وإن كان المواطن الحامل لأي جنسية "غير الجنسية السورية" يتجه في حوادث مماثلة لدولته أو لسفارته، فإن السوري لا دولة يطالبها بحمايته، ولا سفارة يتجه إليها.

من المعيب أن يكون اللوبي النسوي السوري هو التجمع الوحيد الذي يصدر بياناً، وإن كان البيان متوازناً لجهة مطالباته فإنه بالتأكيد غير كاف وغير فعال، ولكن مع ندرة الفعل الحقيقي نضطر للتصفيق لبيان وحيد، وربما يجدر بنا هنا السؤال عن دور المنظمات والناشطات السوريات التي تعمل في لبنان، وأين اختفت فجأة حاملات الجوائز التشريفية والتكريمية.

نساء جنيف

لم أكن لأدخل إلى صفحة الائتلاف لمتابعة أي إجراء أو تصريح فيما يخص جريمة النخاسة ، ولكن ملاحظة وردت على صفحة السيدة سميرة المسالمة "واحدة من مستشارات هيئة التفاوض المعارضة"، تفيد بأن الائتلاف بدأ باتخاذ إجراءات قانونية، دفعني للدخول إلى تلك الصفحة، وقبل الدخول بتفاصيل العمل المثمر الذي يبدوواضحاً في صفحة الائتلاف، لابد من التساؤل عن معنى البوست الوحيد لمسالمة بخصوص الجريمة، إذ اعتبرت مسالمة ببوست شخصي لها أن الجريمة سياسية قبل أن تكون جنائية، ولم يعرف أحد "بالطبع" ماذا تعني المسالمة بتوصيفها ذاك "سياسي قبل جنائي"، وهل هذا يأتي في خانة التحريض، وإن كان تحريضياً فالتحريض لمَن ضد مَن؟

على صفحة الائتلاف يمكنك أن تجد كل أنواع البوستات، بيان لشجب الهجوم على جريدة الشرق الأوسط، مقابلات رئيس الائتلاف، تصريحات رياض حجاب، كاريكاتير، بعض الشجب والتنديد لما حدث في تدمر، أمر واحد لا تجده، "جريمة الاتجار بالبشر التي تاجرت بالفتيات السوريات.

الائتلاف يتخذ الإجراءات القانونية "بحسب مسالمة طبعاً"، وأما ما هي الإجراءات ولماذا يغيب الإئتلاف عنا لإعلام في هذه القضية فهو مالن نجد له جواباً، لأن السياسة الإعلامية لهياكل المعارضة لم تكن يوماً مجدية وذات معنى، فلم ستكون اليوم عكس عادتها.

علينا انتظار تحرك الائتلاف بعد أن تنتهي القضية وينساها الرأي العام، وعلينا أن نكتفي بشجب وإنكار المسالمة وفرح أتاسي وبسمة قضماني وباقي استشاريات هيئة التفاوض، على صفحات الفيسبوك، وأن نقتنع أنهن غير قادرات على التواصل مع الصحافة الغربية والأمم المتحدة والمنظمات.

نساء جنيف بعيدات بالتأكيد عما يحدث مع السوريين، سواء سوريو الداخل أم سوريو اللجوء والنزوح، وإن كنا لا ننتظر من الائتلاف الذي عجز بالماضي ويستمر بالعجز يوماً بعد يوم، وإن كانت نساء المعارضة مشغولات بالاحتجاج على الرجال بسبب وبدون سبب، وفي مشاريع تمكين المرأة "اللاجئة والمشردة" سياسياً، فربما نرى بعض الضوء لدى مجلس دي ميستورا الاستشاري النسائي، على اعتبار أنهن تحدثن باسم السوريات في مؤتمرهن الصحفي، ولأن "نساء دي ميستورا" خبيرات باستعراض الخطابة الرنانة، ومع ذلك ومع قدرتهن تلك، فإن صفحاتهن اكتفت بوضع بعض التقارير التي تتحدث عن الجريمة، وانتهى الموضوع عند هذه النقطة وهذا الجهد، لترجع كل واحدة منهن لممارسة التنظير السياسي تارة، وتوبيخ كل من ينتقدهن تارة أخرى، فهنيئاً لدي ميستورا بمجلسه الاستشاري، وهنيئاً لنا بمعارضتنا

أخيراً، لماذا أصيب الجميع بصدمة، رغم أن جميعهن يعرفن أن ثمة استغلال جنسي للسوريات في بلاد اللجوء، تنفضح هنا ويتم التغطية عنها هناك، وثمة تقارير لمنظمات انسانية وحقوقية في هذا الصدد، تؤكد بالشهادات والأدلة حجم الاستغلال الجنسي الذي يمارس على النساء والفتيات السوريات بسبب الظروف التي يعانين منها.

بالطبع حجم وقسوة العصابة التي تم الكشف عنها في لبنان وضعت الجميع أمام الحياة الحقيقية التي تعيشها السوريات، لتأتي أشبه بالصفعة المطالبة بالاستيقاظ، ما نحتاجه ليس التمكين السياسي يا سيداتي المتمكنات وغير الفاعلات، نحتاج من وقتكن، وسعة صدركن، ما يكفي لرؤية السوريين في حياتهم الحقيقية.

التعليقات (4)

    أبو القاسم مصياف

    ·منذ 8 سنوات شهر
    مع الأسف هذا ما حدث مع العراقيات سابقاً في الأردن ولبنان وسورية .. وهذا ما يحدث مع السوريات راهناً في لبنان وغيره! هناك دوما من يُتاجر بكل شيء .. وغياب ردود أفعال مؤثرة: هو الشيء الثابت الوحيد الواضح بكل ما يتصل بالجرائم المرتكبة بحق السوريين والسوريات جزء منهم بالطبع!

    سوري حر

    ·منذ 8 سنوات شهر
    أتفق معك سيدتي الكريمة في موقف المعارضة المخجل حول توجيه الضوء عن معاناتهم والظلم الذي يلقونه من القريب قبل البعيد. وهذا سببه عدة نقاط: 1. المعارضة السورية بشقيها العسكري والسياسي لم تنضج بالنسية لوضع المرأة لقصر نظرتهم الذكورية تجاه المرأة السورية في الشتات 2. هم يظنون (حسب المعارضة) أن الأولوية لموضوع المفاوضات (التي تعتبر عبثية) وليست لمواضيع من هذا النوع والتي تمس الكرامة السورية اولا والمرأة ثانية

    سوري جرح نفسو

    ·منذ 8 سنوات شهر
    تسلم ئيدك ____________؟

    Badi hazn

    ·منذ 8 سنوات شهر
    نحن في عام1941 المانيا النازية على كل شئ ان يسيس حتى فريق المانيا يجب ان يفوز بكأس العالم بكرة القدم حينها.شرف العربي انحسر بين اقدام فتاه و في سجون النظام الشيطاني وفي لبنان المخطوف من الشيطان وفي كرة الشيطان التي تدعى الارض شرف الانسانية يهان على يد الصراصير الظالمة ،ارادو الثوره على امير الظلام فانظروا ماذا حل بهم و بنسائهم،هل يجرؤ من احد ان يحضن كحاضنة شعبيه من استحضر الارواح والابتلاء ،شئ يثير الاشمئزاز.
4

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات