قبطان "سفينة الحب" يعيد المسرح السوري من جديد

قبطان "سفينة الحب" يعيد المسرح السوري من جديد
سفينة الحب

على قارب صغير في المركز الثقافي الفرنسي في عمّان , وبعد "شكسبير في الزعتري" و "روميو وجولييت" أقام الفنان السوري نوار بلبل مسرحيته الجديدة "سفينة الحب" في عرضها الأول بحضور حوالي مئة وخمسين شخصاً من مختلف الجنسيات العربية والأجنبية، تناول العرض حال الشباب السوري بعد خمسة أعوام على الثورة السورية, وقد شارك في العمل سبعة من الشباب والأطفال السوريين والأردنيين الذين ذاقوا لوعة الحرب وكان لهم نصيب من التهجير والاعتقال وبتر الأطراف أثناء تواجدهم في الوطن الأم .

قبطان السفينة

شهور طويلة من التحضيرات والتدريب أثمرت اليوم في عرض نال إعجاب الجميع، حيث لم يكتف مخرج العمل بتدريب الشبّان، وإنّما كان له بصمة في أحد المشاهد، ففي لقاء خاص لأورينت نت مع نوار بلبل قال " أردت إيصال رسالة للعالم الغربي تحديداً بأن الشعب السوري ليس كما تصفه بعض وسائل الإعلام بأنه ارهابي , بل هو ورغم كل ما تعرض له في السنوات الماضية أبى أن يكون إلا شعباً عاشقاً للفن والموسيقا ومحباً للحياة ".

وعن فكرة المسرحية أضاف بلبل أنه واثناء زيارته لألمانيا في الفترة الماضية قابل عدداً هائلاً من اللاجئين السوريين، كما قابل الكثير من الألمان الذين يعتقدون بأن الشعب السوري هاجر من وطنه الأم خوفآ وهرباً من  "تنظيم داعش" فقط،  فأراد من خلال هذا العمل المسرحي أن يوضح للعالم أن السوريين هاجروا لأوروبا رغم وعورة الطريق وإستحالة الوصول هروباً من نظام قصف وقتل وهجر واعتقل الآلاف وما زال مستمرآ بإجرامه حتى اللحظة.

خطوط حمراء تعداها البلبل في مسرحيته الجديدة

وفي ذات السياق أشار نوار بلبل إلى انه سلط الضوء على الكثير من الملفات السورية الساخنة التي غُيبت من قبل الجميع كقضية المعتقلين وتحديدآ المعتقلات المغتصبات والذي اعتبره أهم محور في العمل , كما ذكر ايضآ ملف جرحى الحرب الذين فقدوا اطرافهم أثناء الحرب في سوريا وهجروا كالبقية , وناقش العديد من القضايا المجتمعية بشكل غير مباشر كشيوخ السلاطين و أساليب الأنظمة الإستبدادية بتنصيب حكامها .

وأضاف البلبل انه عندما طرح ملف المعتقلات والمغتصبات تحديدآ , أصر على فتح هذه الملفات وتسليط الضوء على معاناة المعتقلة السورية التي ذاقت ما ذاقته في السجون السورية من تعذيب وتحرش وإغتصاب وعندما خرجت من السجون السورية ونالت حريتها حاربها المجتمع وضيّق عليها أكثر مما كانت عليه .

أبطال العرض والأدوار المتنوعة

ضّم العرض سبعة من الشبان والأطفال السوريين والأردنيين الذين صعدوا على خشبة المسرح لأول مرة , فخلال المسرحية قُدمت عدة عروض ضمن هذا القارب، إبتدأت بنص يوناني لأريستوفانيس وانتقلت لإيطاليا ونص كارلو غولودوني ومن ثم إسبانيا والدونكيشوت ومنها لفرنسا ونص لموليير وأخيرآ لألمانيا ونص فاوست لغوته.

في لقاء مع محمد كبور أحد أبطال العمل قال : "ابتدأنا العرض بالحديث عن فرقة مسرحية سورية ‘ وهمية ‘ وما اكثر الفرق المسرحية الحرة التي وقفت تضامنآ مع الثورة السورية وكان نصيبها الاعتقال او التهجير او الموت قصفآ، فكانت البداية أننا اردنا ان نجمع شتاتنا في قارب صغير لنخوض رحلة المآساة السورية التي عاشها الآلاف من السوريين أملآ بالوصول لبر الأمان".

ومن خلال هذه الرحلة كان لكل منا نصيب ذاقه من هذا النظام , فهذا معتقل وذاك جريح مبتور الطرف وتلك المغتصبة والآخر عاش رحلة نزوح مضنية , ومن هذه الأدوار خرجنا عنها لتختلط تجاربنا بحكايات وشخصيات مسرحية عالمية على سطح هذه السفينة الصغيرة".

أما الشابة السورية "ايمان الشياب" والتي خسرت ساقها اليسرى أثناء وجودها في سوريا،  جسدت قصتها الحقيقية التي حصلت معها قائلةً: ( ما شجعني أن ألعب هذا الدور أنني أريد أن اوصل رسالتي ورسالة الآلاف من الشباب السوريين الذين كانوا ضحية وحشية النظام السوري وطائراته).

 

بدورها "هيا مطر"  جسدت دور الفتاة السورية المعتقلة التي تعرضت للإغتصاب داخل المعتقل , حيث قالت: "الدور يجسد حال المراة السورية بعد ما عانته في المعتقل وخروجها منه واغتصاب المجتمع لها من خلال معاملتهم ونظرتهم المحتقرة لها مما زاد عليها ما عاشته داخل السجون السورية حيث كانت ردة فعل المجتمع أقسى مما عاشته".

أنا "محمود صدقة" فهو أردني الجنسية لعب دور أحد ابناء مخيم اليرموك الدمشقي الذي يقطنه أغلبية فلسطينية, حيث جسد دور الشاب الفلسطيني الذي حوصر داخل اليرموك لأكثر من ثلاث سنوات وذاق الحصار والموت جوعآ كأشقائه السوريين.

وعن رسالة العرض قال صدقة: " السوريين لم يكونوا متطرفين مستسيغين للدماء إنما هم كانوا وما زالوا شعباً جميلاً عاشقاً للحياة".

ذكرى الفنانيين المغيبين باقية في قلوبنا:

من خلال العرض أراد المخرج تذكير الحضور بالفنانيين السوريين المغيبين قسرآ في السجون السورية كالفنانة سمر كوكش وزكي كورديللو ومهيار كورديللو وعدنان زراعي والشهيد عبد العزيز الحولاني وغيرهم الكثير .

وختاماً أكد نوار بلبل أن رسالة العرض كان نصيبها من اسمها قائلاً: " سفينة الحب كما أسميناها، وهي نظرة الحب والتفاؤل والفرح والوجه الآخر للقتل والموت والتشوه والاعتقال , نريد ان نوصل للعالم اننا لن نمت نحن أحياء ولعمرنا بقية، فقبل الموت بيوم واحد يمكن أن تولد الحياة من جديد".

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات