لهذه الأسباب لن تنتصر روسيا في سوريا؟

لهذه الأسباب لن تنتصر روسيا في سوريا؟
يرى الكاتب "ديفيد هيريست" في مقال له في صحيفة "ميدل إيست أي" ترجمه موقع "هافينتغون بوست" بأن التباين في العلاقة بين روسيا والولايات المتحدة ساد منذ سقوط الاتحاد السوفياتي  أيا كان المزاج، لقد تأرجح البندول من حالة من الشغف الشديد بالغرب وأنماط الحياة فيه إلى التعبير عن مشاعر قومية في غاية العداء له، لم تتوقف نخبة السياسة الخارجية الروسية عن إعطاء الجماهير الغربية محاضرات من الوعظ ملوحة في وجوهها بإصبع التنبيه والتحذير. ويتعمق إحساس روسيا بالغدر والخيانة لأن اعتبار الروس أوروبيين يمثل بالنسبة لهم قضية هوية.

ورأى الكاتب، أنه يمكن للشريك المهمل أن يتسبب من حين لآخر بإلحاق أضرار تفوق تلك التي يتسبب بها الخصم. فزعيم مثل فلاديمير بوتين، الذي يستقي من بئر راكدة من القومية الروسية (من النوع الذي عبر عنه لاعب نادي لوكوموتيف في الدوري الأوروبي الذي انعقد في تركيا)، يحتاج إلى استراتيجيات أخرى لجلب الاهتمام على مسرح السياسة الدولية. ومثال ذلك تلك الصواريخ التي يطلقها كيم جونغ أون في الهواء ليذكر جيرانه بأن كوريا الشمالية ماتزال حية ترزق.

لقد تحقق ذلك لبوتين في سوريا. فخلال شهور قليلة وقصيرة تمكنت الغارات الجوية الروسية من ترجيح كفة الحكومة في الحرب الدائرة بين قواتها وقوات الثوار، وتمكنت روسيا من اغتيال عدد من قادة الثوار، وسعت إلى إملاء من ينبغي أن يعتبروا ثواراً سوريين شرعيين ومن لا ينبغي أن يصنفوا كذلك. وفرضت روسيا نفسها لتصبح جزءاً من التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة وضمنت مقعدها في كل واحد من المنتديات الدولية التي طرحت فيها قضية سوريا للنقاش.

حينما يتعلق الكلام بسوريا، تجد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري لا ينفك عن تبادل الرأي بشكل منتظم مع وزير الخارجية الروسي سيرجيه لافروف، بغض النظر عما إذا كان يعتقد بأن لافروف، أو بالفعل رئيس الاستخبارات العسكرية الروسي، له أي نفوذ على الرئيس السوري بشار الأسد. ولربما لا يتمتع أي من الرجلين بمثل هذا النفوذ على أية حال.

وكانت النتيجة الحتمية لذلك أن الزعماء العرب ذهبوا، الواحد تلو الآخر، يعربون عن إجلالهم لموسكو، كانت البداية مع مصر والأردن ودولة الإمارات العربية المتحدة. ثم جاء الدور في يناير على أمير قطر، وما لبث ملك البحرين حمد بن عيسى أن لحق بهم حين أهدى بوتين "سيف النصر" المصنوع من الفولاذ الدمشقي. فما كان من بوتين إلا أن دعا ضيفه إلى التزلج معه على السفوح التي تعتلي سوتشي. ولعل الملك حمد لم ينتبه إلى أن تلك كانت مقبرة لشعب مسلم آخر، هم الشركس، كانت قد أبادته عن بكرة أبيه روسيا القيصرية. على كل حال اعتذر الملك البحريني عن قبول الدعوة.

لقد تمكن بوتين في سوريا من استعادة موطئ القدم الروسية في الشرق الأوسط والذي جرى التخلي عنه من قبل حينما خضع رئيس وزرائه ديمتري ميدفيديف وتساوق مع التدخل الذي قاده تحالف النيتو في ليبيا.

تلك كانت في حينه استراتيجية بوتين للدخول، فما هي استراتيجيته للخروج يا ترى؟

ستكون الولايات المتحدة الأمريكية هي أول من يخبر الروس بأن قانون التدخل الأجنبي الأول ينص على ما يلي: إذا ما تسببت في تفكيك دولة فإنك تملكها. إذا كانت روسيا قد دخلت كقوة مقاتلة فاعلة، فإنها تملك الفوضى التي ترثها.

وها هو بوتين يرث بلدا يعيش ما لا يقل عن 28 بالمائة من سكانه في مخيمات لجوء في الخارج في كل من تركيا ولبنان والأردن. ويرث حربا أهلية تدخل عامها السادس تسببت في مقتل وإصابة أعداد من المدنيين تفوق بمراحل تلك الأعداد التي سقطت جراء الغزو الأمريكي للعراق. ويرث ساحة تعمقت فيها جذور التيارات الدينية المتطرفة المقاتلة. ويرث المسؤولية عن قنابل البراميل التي يلقي بها نظام الأقلية على رؤوس المدنيين من أبناء الأغلبية السنية، مما تسبب في الدفع بأمواج من اللاجئين نحو الحدود. رغم أن الأردن حليف لروسيا إلا أنه يحمل على عاتقه عبء المأساة الإنسانية التي يولدها التدخل الروسي في سوريا. وإذا استمر معدل تهجير المدنيين تحت سطوة الهجمات التي تشنها قوات الحكومة فإن نصف السكان يوشكون أن ينتهي بهم المطاف خارج بلدهم.

التعليقات (1)

    حسن ابو حبيب

    ·منذ 8 سنوات شهرين
    بما انو الشعب عم يتامل وتكل على الدول الخاذله ونسو الله سبحانه وتعالى هذا الغلط
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات