مصير حلب يحدد مصير أوروبا

مصير حلب يحدد مصير أوروبا
حذرت صحيفة "الغارديان" البريطانية من سقوط مدينة حلب، مشيرة في تقرير لها أن حرب الأسد الوحشية على السوريين سوف تأخذ منحاً أخر كلياً، و ستتجاوز سوريا لتمتد إلى المنطقة بأسرها وقد تصل تأثيراتها إلى أوروبا على الأغلب.

وأضاف الصحيفة لقد تسبب هجوم النظام الأخير مدعوماً بحلفائه الروس والإيرانيين في نزوح عشرات آلاف السوريين من مناطقهم  إلى الحدود التركية،  لكن ذلك لم يكن سوى المستوى الإنساني من هذه الكارثة التي تشكل الآن لحظة حاسمة فيما يتعلق بالعلاقة بين الغرب وروسيا الذي يلعب سلاح جوها دوراً أساسياً في الحرب ضد قوات المعارضة السورية.

ولفتت إلى أنه لم تكن  مصادفة نادرة أن يتزامن قصف مدينة حلب التي شكلت منذ بداية الثورة رمزاً مهماً لحركة الاحتجاجات التي امتدت عبر سوريا ضد نظام الأسد مع البدء بمفاوضات جنيف التي تم تعليقها بسبب تعنت روسيا والنظام وعدم التزامهما بالقرار الأممي حول الشروط الإنسانية. 

وتوقعت صحيفة "الغارديان" تعثر مفاوضات السلام السورية، مشيرة إلى أن التصعيد العسكري الروسي كان يهدف بالدرجة الأولى إلى تخريب أي محاولة لامتلاك المعارضة السورية لرأي أو قرار بخصوص مستقبل التسوية السياسية في البلاد.

وأردفت، كان واضحاً أن المقصود من وراء هذا التصعيد الروسي هو إجهاض أي خطط غربية أو أممية لفرض أي حل أو تسوية سياسية مرضية  وبدا جلياً أن هذا التصعيد يتعارض مع التزامات روسيا المعلنة بالحل السياسي  الذي يفترض به وضع حد للحرب في سوريا.

المؤكد في هذه اللحظة أن أثارهذا السقوط "في حال حدوثه" سوف تكون خطيرة وبعيدة المدى وإذا كان هناك ثمة درس استطاع الأوربيون تعلمه خلال العام المنصرم فهو أنهم لن يستطيعوا حماية أنفسهم من تلك الأثار المديدة وإذا كان هناك أيضاً درس يمكن أن تتعلمه أوروبا من النزاع في أوكرانيا عام 2014 هو أنه من الصعب إعتبار روسيا دولة صديقة للأوروبيين. هي في الحقيقة دولة استعمارية ذات مطامح توسعية وهي قادرة عسكرياً على ذلك.

في هذه الأثناء بينما يتأرجح مصير حلب فإن التطورات الأخيرة ربما للمرة الأكثر خطورة منذ بداية الثورة ضد نظام الأسد تلقي بظلالها على العلاقة بين التراجيديا السورية والإضعاف الإستراتيجي لأوروبا والولايات المتحدة بشكل عام.

ومن الملاحظ هاهنا أن عواقب خروج الوضع السوري عن إطاره الإقليمي كعامل تقويض للإستقرار هو هدف روسيا المثالي الذي تسعى إليه كون نزعتها للسيطرة والهيمنة لا يمكن لها أن تتحقق إلا عبر استثمار المخاوف والتناقضات بخصوص تحديد من هو العدو الحقيقي لأوروبا والغرب، تريد روسيا عبر نشر الخوف من الإسلام أن تقول للغرب "أنا من يحميكم، لكن يجب أن ترضخوا لمشيئتي".

إن وضع مدينة حلب المستقبلي سيحدد ما الذي سيحدث لاحقاً، إن هزيمة المعارضة السورية المعتدلة سوف يعزز من موقع تنظيم الدولة الإسلامية بإعتبارها المدافع الأوحد عن السنة في المنطقة. في هذا الخصوص تكمن كثير من المفارقات هنا أبسطها أن استراتيجية الغرب لبناء ودعم قوات المعارضة السورية من أجل أن تتصدى لتنظيم الدولة الإسلامية سوف تمنى بالفشل بإعتبار أن من كان يعول عليهم كقوات لمحاربة التنظيم سوف يتم دحرهم وسحقهم من قبل روسيا. وفي حال حدوث هذا فمن سيلجأ إليه الغرب لتنفيذ مهمته ؟

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات