"فورين بوليسي".. أهل مضايا ماتوا جوعاً بعلم الأمم المتحدة

"فورين بوليسي".. أهل مضايا ماتوا جوعاً بعلم الأمم المتحدة
مع دخول قوافل الإغاثة الدولية إلى بلدة مضايا يوم الاثنين الماضي، اطلع عمال الإغاثة على وضع البلدة وأهلها بشكل مباشر، فكان الذهول مما رأوه، حيث فاق الواقع كل التقارير والصور التي استطاع أهالي البلدة تسريبها للخارج عن الحالة الانسانية لبلدة سورية تحت حصار لئيم تفرضه ميليشيا "حزب الله" اللبنانية التابعة لإيران.

وبالرغم من قساوة المشهد في مضايا، ما زالت تصريحات مسؤولي الأمم المتحدة خاضعة لإملاءات النظام وروسيا، وتتجاهل، بشكل متعمد، ذكر المتسببين الحقيقيين في ما لحق بمضايا وغيرها من المدن السورية المحاصرة من قبل النظام والميليشيات الإيرانية.

الأمم المتحدة كانت تعلم

تتهم مجلة "فورين بوليسي" الأمم المتحدة بأنها كانت تعلم عن حقيقة الوضع المأساوي في مضايا منذ أشهر، وعن طبيعة الحصار القاسي الذي تفرضه ميليشيا "حزب الله"، ومع ذلك لم تقم المنظمة الدولية بأي مسعى جديد لإدخال المساعدات إلى البلدة.

وتقول "فورين بوليسي"، في مقال لها اليوم  بعنوان "الأمم المتحدة تعلم بأن مضايا تتضور جوعاً منذ أشهر"، إن عمال الإغاثة شعروا بالغضب من الأمم المتحدة بسبب تغليب علاقاتها مع دمشق على الوضع الانساني الصعب الذي تحياه بلدة مضايا، حيث يقول عمال الإغاثة إن وضع المدينة المحاصرة يعتبر أسوأ حالاً من جميع المدن المحاصرة.

قام أهالي مضايا بالإعلان عن حالة البلدة تحت الحصار والوضع الانساني المأساوي، حيث استشهد 6 أطفال و17 بالغاً جوعاً على الأقل في شهر كانون الأول الماضي، بحسب الأرقام التي أوردتها المجلة، بالإضافة للمئات المهددين بالموت بسبب الجوع. 

ومع تمكن الأهالي من تسريب صور أطفالهم الصادمة إلى خارج أسوار البلدة المحاصرة، حيث تم نشرها في مختلف وسائل الإعلام، وبالرغم من قساوة الصور وما تحمله من دلالات على وضع البلدة إلا أن الأمم المتحدة اكتفت بالصمت وتجاهل التقارير الإعلامية.

مذكرة داخلية

وتكشف "فورين بوليسي" عن وجود "تحديث للمعلومات" صدر في مذكرة داخلية أصدرها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية (OCHA)، في 6 كانون الثاني الحالي، المختص بالتفاوض لإيصال المساعدات، وتحدثت المذكرة عن "ظروف بائسة" بما في ذلك "سوء تغذية حاد عند معظم السكان" وتحدثت المذكرة عن "حاجة ملحة" للمساعدات الإنسانية، وكانت الأمم المتحدة تعلم عن الوضع المأساوي للمدينة منذ شهر تشرين الأول حيث كشف ناشطون من مضايا عن أكثر من 1000 حالة سوء تغذية منتشرة بين الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم السنة الواحدة، هذا التحديث كان غائباً عن تقرير الأمم المتحدة حول الأماكن المحاصرة في سوريا حيث غاب ذكر مضايا تماماً عن التقرير الذي نشر للعلن في 7 كانون الثاني الجاري.

بطبيعة الحال لم يعلم أحد عن "التحديث" الذي قدمته (OCHA)، والذي تم تسريبه لفورين بوليسي، حيث أن المكتب صنفه على أنه نشرة داخلية ليست للنشر أو للاقتباس.

صمت قاتل

الصمت القاتل للأمم المتحدة طوال شهور عن حصار مضايا والمجاعة الرهيبة التي تفتك بأهلها أثار ضجة وتساؤلات عن مسؤولي الإغاثة في سوريا سواء الدوليين أو السوريين، كما أن مطالبة هؤلاء المسؤولين بازالة الحصار عن كل المدن المحاصرة، وهم يقصدون بذلك بلدات كفريا والفوعة التي يتذرع بها النظام، وقولهم التضليلي بأنه لا يوجد حصار أهم من آخر، ويبدو من الواضح أن رفع الحصار عن كل المدن مستحيل التحقيق، وجاءت هذه المطالبة دون تقديم صورة حقيقية عن مأساوية الوضع في مضايا مقارنة بباقي المدن والمناطق في سوريا لتكون سبباً آخر لهذه الضجة.

ممنوع ذكر الفاعل

 وقال "يعقوب الحلو"، المنسق الأممي للشؤون الانسانية في سوريا، في 12 كانون الثاني الحالي، أي بعد يوم واحد من دخول قافلة المساعدات الأولى لمضايا، واصفاً أهالي مضايا "إنهم أناس يائسون، البرد الشديد يحاصرهم، إنهم أناس يعانون من الجوع لقد فقدوا الأمل تقريباً بكل شيء" لكن الحلو يحاذر في تصريحاته للصحفيين لوم أو ذكر من يتسبب بكل هذه المآسي، ولم يشر إلى حواجز ميليشيا "حزب الله" التي تفتش سيارته عند الدخول والخروج.

 وبحسب فورين بوليسي فالحلو، وبدلاً من ذكر المذنب والقائم بهذا الحصار، ذهب إلى ذكر ما أصبح متلازمة الأمم المتحدة كلما تكلمت عن مدينة سورية محاصرة "الحصار المفروض على مضايا يشبه الحصار الذي يفرضه تنظيم الدولة أو المتمردون السوريون على مناطق النظام"، وتابع الحلو متحدثاً للصحفيين بأن أوضاع مضايا تشبه كفريا والفوعة وأنه سعيد لانه أدخل المساعدات لهما أيضاً.

فارق كبير 

ويغيب عن المنسق الأممي أن الفرق بين مضايا وكفريا والفوعة كبير جداً فأسعار المواد الغذائية في مضايا وصلت لأرقام فلكية وتقول الصحيفىة بأن سعر الرز في مضايا وصل إلى 256 دولار للكيلو بينما في الفوعة وكفريا فسعره لا يتجاوز 1.25 دولار و بالفوعة سعر البندورة أقل من دولار للكيلو والبطاطا بنصف دولار بعكس مدينة مضايا التي حرمها قناصة ميليشيا حزب الله من عدد كبير من البضائع والسلع التي لم تنقطع عن كفريا والفوعة، فمضايا محرومة من الخضار والفواكه وأهلها يعتمدون على حساء مصنوع من العشب المغلي مع أقل من نصف كوب من الرز إن وجد.

رمز للخنوع

طريقة تعامل الأمم المتحدة مع المدن المحاصرة ولاسيما مضايا دفعت بالعاملين في المجال الطبي والإغاثي السوري إلى اتهام المنظمة بالخنوع والخضوع للنظام السوري، وتوجه 112 من العاملين في الشأن الانساني السوري بتوجيه رسالة مفتوحة إلى الأمم المتحدة يطالبونها بالتدخل الفوري لإدخال المساعدات لا سيما أنها لا تحتاج لأذن من نظام الأسد بناءاً على قرار مجلس الأمن القاضي بحرية تدفق المساعدات الانسانية إلى سوريا بحرية  وختم مرسلو الرسالة "تحولت الأمم المتحدة من رمز للأمل إلى رمز للتواطئ".

الموظفون إما مقربون أو خائفون من النظام

فموظفو الأمم المتحدة في دمشق هم "إما مقربون جداً من النظام أو يخشون إلغاء تأشيراتهم من نفس القوة التي تحاصرنا" وتكمل الرسالة "إن من شاهدوا أحبائهم يموتون أمامهم من الجوع وسوء التغذية ونقص العناية الطبية لن يغفروا لموظفي الأمم المتحدة الذين يجلسون في الفنادق الضخمة ليس بعيداً كثيراً عن أصوات الانفجارات والقنابل التي يرميها النظام" وعممت الرسالة من قبل حملة في سوريا تحت اسم "كسر الحصارات" وتم نشرها في العديد من وسائل الإعلام.

عدد المحاصرين يبلغ الملايين

وبحسب موقع "هافنغتون بوست" فإن مكتب التنسيق والشؤون الإنسانية، يقدر عدد المحاصرين في سوريا بحوالي 393.700 شخص، ولكن "سيغ ووتش" وهي شبكة للرقابة تقول إن العدد أكبر وقد يصل للملايين، فيما تُقدر منظمة "أطباء بلا حدود" العدد بحوالي مليون شخص.

وتوفي 28 شخصا على الأقل بسبب الجوع منذ تموز/يوليو عندما حاصرها الجيش السوري وحزب الله.

واضطر السكان لأكل الحشيش والأعشاب والماء المملح للنجاة؛ حيث حوصروا بالسياج وحقول الألغام والقناصة الذين طوقوا البلدة. ومع ذلك وصفها مكتب الأمم المتحدة في دمشق بأنها "منطقة يصعب الوصول إليها" وذلك في خريطة نشرت في تشرين الأول.

حذف كلمة محاصرة

وينقل "هافنغتون بوست" عن موقع "ميدل إيست آي" البريطاني أن النظام السوري يتدخل في التقارير الصادرة عن مكتب الأمم المتحدة في دمشق، ويتلاعب في صياغتها، وأن المكتب خضع مؤخراً لتدخل من النظام وحذف كلمة "محاصرة" عند الحديث عن مضايا واضعا بدلا منها كلمة "يصعب الوصول إليها".

"دانيا العقاد" كتبت تقريرا في الموقع قالت فيه إن الوكالة التابعة للأمم المتحدة والمسؤولة عن مراقبة وصول المساعدات الغذائية للمناطق المحاصرة في سوريا، سمحت للنظام السوري بالتلاعب بوثيقة لها وتغيير كلمة "محاصر" و"حصار"، حيث غيَّر المسؤولون في دمشق كلمة "نزاع" إلى "أزمة" وحذفت كل الإشارات حول برنامج الأمم المتحدة لتفكيك الألغام في خطة الأمم المتحدة لعام 2016 للرد الإنساني.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات